ارتفاع مستويات الليثيوم في مياه الشرب قد يزيد من خطر الإصابة بالتوحد
لأول مرة، تم اكتشاف علاقة تربط بين وجود الليثيوم في مياه الشرب وخطر الإصابة باضطراب طيف التوحد، التفاصيل من هنا:

لأول مرة، تم اكتشاف علاقة تربط بين وجود الليثيوم في مياه الشرب وخطر الإصابة باضطراب طيف التوحد!
كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة جاما لطبّ الأطفال (JAMA Pediatrics) قام بها باحثون من مركز (UCLA Health)، عن وجود علاقة بين شرب النساء الحوامل لمياه الصنبور التي تحتوي على كمية مرتفعة من الليثيوم، وبين زيادة خطر تشخيص أطفالهن بالإصابة باضطراب طيف التوحد، حيث تُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها في هذا المجال.
حيث أكدت مؤلفة الدراسة الدكتورة بيات ريتز (Beate Ritz)، الحاصلة على درجة البروفيسور في علم الأعصاب، وفي علم الأوبئة، وفي علم البيئة من كلية الطب بجامعة ديفيد غيفين في كاليفورنيا (David Geffen School of Medicine at UCLA) بناءً على بيانات تم جمعها من دولة الدنمارك، على أهمية فحص أي ملوثات لمياه الشرب قد تؤثر في نمو الدماغ، كما أشارت قائلة: أن مستويات الليثيوم في المياه ستزداد في المستقبل، وتصبح أكثر انتشارًا، وذلك نتيجة لاستخدام بطاريات الليثيوم والتخلص منها في مدافن النفايات، كما أن هنالك احتمالية لتلوث المياه الجوفية بالليثيوم أيضًا."، وأوضحت الدكتورة ريتز، إلا أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات في أماكن مختلفة من العالم لتأكيد هذه النتائج.
جدير بالعلم أن الأدوية التي تحتوي على مركبات الليثيوم قد تم استخدامها في علاج بعض حالات الصحة النفسية، مثل الاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب، وذلك لدورها في التأثير في استقرار الحالة المزاجية، ومع ذلك فإن هناك جدلًا مستمرًا بشأن سلامة استخدام مثل هذه الأدوية أثناء الحمل، إذ تشير الأدلة إلى ارتفاع مخاطر الإجهاض أو الإصابة بعيوب القلب الخلقية للأطفال حديثي الولادة.
على الرغم من وجود بعض الأبحاث التجريبية التي توضح أن الليثيوم الذي يعد أحد المعادن الطبيعية الموجودة في الماء، يمكن أن يؤثر في المسار الجزيئي المرتبط بالنمو العصبي، وعلى الإصابة بالتوحد، إلا أن الدكتورة ريتز التي تركز في أبحاثها ودراساتها العلمية حول كيفية تأثير العوامل البيئية على اضطرابات النمو العصبي والأمراض التنكسية العصبية، قالت: "قد قررت دراسة العلاقة التي من الممكن أن تربط بين الليثيوم والمخاطر المحتملة للإصابة بالتوحد بعد أن تأكدت من أن الأبحاث والدراسات السريرية حول كيفية تأثير الليثيوم على نمو الدماغ وتطوره قليلة جدًا."
كما أضاف الدكتور زيان ليو (Zeyan Liew) الحاصل على الماجستير في الصحة العامة، والذي يُعد المؤلف الأول للدراسة والأستاذ المساعد في علم الأوبئة في كلية الصحة العامة في جامعة ييل (Yale University School) قائلًا: "أن هذه الدراسة تُعد مهمة بالفعل، ويُعزى السبب في ذلك إلى أن الأبحاث التي أجريت في السابق في الدنمارك، والتي تمت بالاستناد على بعض بيانات السجل الطبي ذات الجودة العالية، وضحت أن تناول الليثيوم بجرعات منخفضة من مياه الشرب قد يكون له تأثير في زيادة خطر إصابة البالغين بالاضطرابات العصبية والنفسية.
لكن حتى الآن لم يتم إجراء أيّ دراسة توضح أن شرب النساء الحوامل للمياه التي تحتوي على الليثيوم قد يؤثر في النمو العصبي لأطفالهنّ.
حيث عمل كل من الدكتورة ريتز والدكتور ليو مع بعض الباحثين الدنماركيين على تحليل مستويات الليثيوم في حوالي 151 محطة مياه عامة، والتي تمد المياه لنصف سكان الدنمارك تقريبًا، كما قاموا بتحديد منازل الأمهات الحوامل باللجوء إلى نظام السجل المدني، بالإضافة إلى الاستعانة بقاعدة المعلومات الوطنية للمرضى الذين يعانون من الإصابة باضطرابات نفسية، وقارنوا بين 12799 طفلًا مصابًا باضطراب التوحد، وبين حوالي 63681 طفلًا غير مصاب بالتوحد، مع الأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل المرتبطة بزيادة خطر إصابة الأطفال باضطراب طيف التوحد، مثل: بعض الخصائص والصفات المرتبطة بالأم، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، والتعرض للهواء الملوث.
ولاحظ الباحثون زيادة خطر الإصابة بمرض طيف التوحد عند ارتفاع مستويات الليثيوم في ماء الصنبور، حيث قسم الباحثون عينة الدراسة إلى أربعة أقسام حسب تركيز الليثيوم في الماء من الأقل إلى الأعلى، فالقسم الأول يحتوي على تركيز قليل من الليثيوم، والقسمان الثاني والثالث يحتويان على تراكيز متوسطة من الليثيوم، بينما القسم الرابع يحتوي على أعلى تركيز من الليثيوم، وكانت النتائج كما يأتي:
- ارتفعت نسبة الإصابة في القسم الثاني والثالث بنسبة 24 - 26% بالمقارنة مع القسم الأول.
- ارتفعت نسبة الإصابة في القسم الرابع بنسبة 46% بالمقارنة مع القسم الأول.
- بقيت العلاقة بين مستويات الليثيوم وخطر الإصابة بالتوحد ثابتة باختلاف أنواع التوحد.
- زيادة خطر الإصابة باضطراب التوحد للأشخاص الذين يعيشون في المدن بالمقارنة مع من يعيشون في الأرياف.
وتجدر الإشارة إلى أن مستويات الليثيوم في مياه الدنمارك من المحتمل أن تكون في النطاق المنخفض إلى المتوسط مقارنة بدول أخرى نسب الليثيوم فيها أعلى، إلا أن هناك العديد من العوامل التي جعلت الدنمارك عينة مثالية لهذه الدراسة، منها:
- وجود قواعد بيانات مدنية شاملة في الدنمارك ومتاحة لمراكز الأبحاث.
- الاستهلاك المنخفض للمياه المعبأة، وزيادة استهلاك مياه الصنبور.
- وجود نظام قوي لقياس أثر بعض المعادن النادرة وغيرها من الملوثات الأخرى التي قد تحتويها المياه الخاصة بهم.
مصدر هذا المحتوى من: