الاستمرار بالتوصية بالحليب كمصدر غذائي

بعد التقارير الاخبارية التي لا تنتهي عبر وسائل الاعلام هل من يجب الاستمرار بالتوصية التقليدية حول استهلاك الحليب ومنتجاته؟

برعاية sponsered by
الاستمرار بالتوصية بالحليب كمصدر غذائي

الحليب ومنتجاته هي مصدر غذائي هام جدا، الغني بالكالسيوم وفيتامين D ذي قدرة مع امتصاص ممتازة في الجسم. ومع ذلك، ففي العديد من المقالات والبرامج في شتى وسائل الاعلام يعارض بعض الأطباء، وخاصة أطباء الطب البديل، استهلاك الحليب ومنتجاته. ووفقا لادعائهم، فان استهلاك الحليب ومنتجاته يزيد من خطر الاصابة بالكسور، أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان.

في احدى مقالاتي السابقة قمت بتفنيد هذه الادعائات، واحده تلو الأخرى، على الأقل بالنسبة للعظام، القلب والأوعية الدموية والجهاز الهضمي.

الحليب ومنتجاته هو أفضل مصدر للكالسيوم والمواد المغذية الأخرى، مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم، مع تأثيرات هامة على صحة العظام. للمكونات النشطة بيولوجياً الموجودة في منتجات الألبان مثل البروتين القاعدي، دورا أساسيا في استقلاب العظام.

الآثار الإيجابية للحليب ومنتجاته على صحة العظام تستند على أدلة من الأبحاث العشوائية والمراقبة، والتي تم فيها العثور على آثار إيجابية حيوية على كتلة العظام خلال مرحلة الطفولة والمراهقة وعلى التطور الطبيعي للعظام. لم يتم العثور على أي تأثير لاستهلاك الحليب على زيادة خطر حدوث الكسور الناجمة عن ترقق العظام، مثل في مفصل الورك.

هناك أدلة من دراسات عديدة أن استهلاك الحليب ومنتجاته، وخاصة قليلة الدسم وأيضا بعد الطبخ أو البسترة، بعلاقة عكسية مع تصلب الشرايين، ارتفاع ضغط الدم، أمراض الشريان التاجي، السكتة الدماغية وداء السكري من النوع 2.

عندما نجري بحث في موقع Pubmed حول العلاقة بين الحليب ومنتجاته وبين السرطان نجد عشرات الدراسات، والتي بعضها أشارت الى زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان عند استهلاك أنواع ومنتجات مختلفة من الحليب، والبعض الآخر لم يجد أية صلة بينهما. نتائج البحث الأوروبي الكبير (European Prospective Investigation into Cancer and Nutrition (EPIC، الذي شمل أكثر من نصف مليون مشارك من 23 مركزا في 10 دول أوروبية (معظمهم تتراوح أعمارهم بين 35-70)، والذي نشر في عام 2010 وجد أن:

  • سرطان المعدة يتناسب عكسيا مع المستوى المرتفع لفيتامين C في البلازما، الكاروتينات، الريتينول، ألفا توكوفيرول، كثرة استهلاك ألياف الحبوب والحرص الشديد على إتباع حمية البحر الأبيض المتوسط (التي تحتوي الحليب قليل الدسم). استهلاك اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة مرتبط بزيادة خطر حدوث هذا النوع من السرطان.
  • زيادة استهلاك الألياف، الأسماك، الكالسيوم ونسبة عالية من فيتامين D في البلازما (الأخيران موجودان بكمية كبيرة في الحليب) مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في حين أن الزيادة في المخاطر مرتبطة باستهلاك اللحوم الحمراء، اللحوم المصنعة، الكحول، خصيصاً فيما يتعلق بارتفاع مؤشر كتلة الجسم والسمنة في منطقة البطن.
  • زيادة استهلاك الفواكه والخضروات لدى المدخنين ترتبط بانخفاض خطر الاصابة بسرطان الرئة.
  • زيادة في خطر الإصابة بسرطان الثدي مرتبطة بزيادة استهلاك الدهون المشبعة (مثل الحليب الغني بالدهون) واستهلاك الكحول. زيادة مؤشر كتلة الجسم لدى النساء بعد توقف الدورة كان على علاقة بزيادة مخاطر الإصابة بسرطان الثدي وبينما النشاط البدني كان مرتبط بانخفاض هذه المخاطر.

في تحليل اضافي للنتائج من قبل نفس مجموعة البحث الذي نشر في عام 2013 وجد تعزيز للدليل على أن الحليب ومنتجاته لها على ما يبدو وظيفة واقية من خطر الاصابة بسرطان القولون والمستقيم بغض النظر عن محتوى الدهون في الحليب ومنتجاته.

وجدت دراسة أخرى لنفس مجموعة البحث والتي نشرت مؤخرا زيادة في مخاطر الإصابة بسرطان الكبد عند تناول الحليب والجبن وليس عند تناول اللبن، وبعد 11 عاما من المتابعة لـ 122 مشترك. من الصعب الاستنتاج من عدد قليل من المشاركين على السببية بين منتجات الألبان وسرطان الكبد حتى بعد نفي وجود اصابة سابقة في الكبد.

في الواقع، فإنه من الصعب استخلاص الاستنتاجات حول العلاقة بين الحليب ومنتجاته وبين السرطان لأنه لا يوجد أي بحث عشوائي، مراقب واستطلاعي الذي اجري خصيصا لدراسة هذه العلاقة فقط. ربما هناك احتمال لوجود علاقة معقولة بين الاستهلاك المفرط للحليب ومنتجاته (خصوصا الغنية بالدهون مثل الأجبان الصلبة التي تشكل مصدر غذائي شائع في أوروبا) فيما يتعلق بزيادة خطر الاصابة بسرطان البروستاتا والثدي  وربما أيضا الكبد. من ناحية أخرى، فهذا الاستهلاك يقلل من خطر الاصابة بسرطان الجهاز الهضمي.

أنا أقترح على زملائي الأطباء بالاستمرار بالتوصية على الاستهلاك العادي وغير المفرط للحليب قليل الدسم ومنتجاته بسبب فوائدها الصحية الكبيرة لجميع أجهزة الجسم، وتجاهل كل الذين يتطاولون على واحد من المصادر الغذائية الأكثر أهمية.

نشرت من قبل ويب طب - الأربعاء 1 كانون الثاني 2014

آخر الأخبار