الاضطرابات النفسية المتعددة في أوساط من يتعاطون الميرخوانا
من خلال خبرتنا العلاجية لمئات المصابين من تعاطي قنب الحشيش (Cannabis)، رغبنا بمشاركة الأطباء وإعلامهم بشأن الأعراض الجانبية في أوساط المتعاطين، بالأساس لأغراض ليست طبية
من أجل إزالة جميع الشكوك، فإن تعاطي قنب الحشيش الطبي (Cannabis) قد يساعد بشكل كبير في علاج الأمراض الجسدية، بما في ذلك الأمراض المستعصية. في الأمراض التي ترافقها آلام مزمنة، قد يكون قنب الحشيش الطبي ناجعًا جدًا. في حالات خاصة، قد يكون قنب الحشيش الطبي بديلًا لتناول أدوية مخدرة تنجم عنها أعراض جانبية مثل الخمود، الإركان الجسماني ومتلازمة الفصال، بالأخص عند التقليل من تناول الدواء أو التوقف عن تناوله.
بشكل عام، فإن دواعي وزارة الصحة للمصادقة على تناول قنب الحشيش الطبي، تساعد في تخفيف المعاناة من العديد من الأمراض مثل السرطان، الاضطرابات العصبية المختلفة وغيرها. قنب الحشيش الطبي منوط أحيانًا بأعراض جانبية في مجال الطب النفسي والتي من المفضل إدراكها والإلمام بها. من خلال خبرتنا العلاجية لمئات المصابين من تعاطي قنب الحشيش (اسم عام يشمل مواد مثل الميرخوانا، الحشيش، غانْجا (Charas)، زيت الحشيش، "هايدرو" hydroponic وغيرها)، ومن أبحاث عديدة في عالم الطب التي تدعم دلائلنا السريرية، رغبنا في مشاركة الأطباء وإعلامهم بشأن الاضطرابات النفسية العديدة في أوساط من يتعاطون هذه المواد لأغراض ليست طبية.
أ. الذهان - لدى العديد ممّن تعاطوا قنب الحشيش لأغراض ليست طبية، تطورت حالات ذهانية. من بين تلك الحالات، تطور ما يسمّى بـ Cannabis Psychosis، والذي يدوم نحو أسبوع ويظهر بالأساس بحالات من الذهان الزوراني (Paranoid Psychosis) وهي حالات تشبه الهوس (Mania) يرافقها أحيانًا العنف أو عوامل تفارقية. تنبع بدايتها أحيانًا من زيادة جرعة قنب الحشيش، وقد لا تظهر أحيانًا من الاستعمال الأول. هناك نوع آخر من الذهان، والذي يمكن ملاحظته، وهو الاضطراب الذهاني قصير الأمد (حتى شهر)، وهو اضطراب فصاميّ الشكل وذهان غير معرّف. لدى مرضى آخرين ممّن تعاطوا قنب الحشيش، كانت هذه المخدرات عاملًا محفزًا أو مسببًا لظهور أمراض نفسية وظيفية مثل الفصام. أثبتت أبحاث حول العالم أن هناك علاقة بين قنب الحشيش وبين ظهور الذهان.
سنعرض بحثين من أهم الأبحاث:
1. بحث T.M.Moore et al. الذي نشر في Lancet عام 2007. هذا البحث عمليًا هو بحث تلوي ل-35 بحثًا، يناقشون موضوع ما إذا كان قنب الحشيش يؤدي إلى الذهان. كانت نتائج البحث أنه في أوساط من تعاطوا قنب الحشيش مرة واحدة في حياتهم، كانت خطورة تطور الذهان أعلى بـ 40% من أولئك الذين لم يتعاطوا. تبين من البحث أيضًا أن خطورة تطور الذهان ترتفع كلما زادت الكمية ووتيرة الاستعمال: لمن يكون استعماله يوميًا (وهناك العديد كهؤلاء)، فإن خطورة تطور الذهان تكون أعلى بضعفين أو ثلاثة من أولئك الذين لا يستعملونه. يشدد البحث أن خطورة تطور الذهان أعلى بكثير لدى البالغين والشباب الذين يتعاطون قنب الحشيش. عمليًا، تشكل فئة الأعمار هذه معظم مستهلكي قنب الحشيش في الغرب.
2. بحث G.P.Davis et al، الذي نشر في Schizophrenia Research عام 2013. أجرى باحثون، من جامعة كولومبيا في نيويورك ومن جامعة جورج واشنطن، بحثًا استطلاعيًا على عينة نموذجية تشمل 34,000 مواطن من الولايات المتحدة في جيل 18 فما فوق، من 50 دولة. كانت المرحلة الأولى من البحث بين السنوات 2001-2، والمرحلة الثانية بين السنوات 2004-5. تمت مراقبة معايير مختلفة للاضطرابات النفسية وللإدمان على محور 1 في DSM-IV-TR وعلى محور 2، أي اضطرابات شخصية مختلفة. النتائج: كانت هناك خطورة أكثر بـ 30% لتطور الذهان لدى أولئك الذين تعاطوا قنب الحشيش ذات مرة، بالمقارنة مع أولئك الذين لم يتعاطوا. كان هناك ارتفاع يعادل 80% تقريبًا في خطورة تطور الذهان لدى أولئك الذين أساءوا استخدامه (Abuse)، مقارنة بأولئك الذين لم يستهلكوه. بالإضافة، فإن خطورة تطور الذهان في أوساط المدمنين على قنب الحشيش (ممّن يتعاطون يوميًا) كانت أكبر بأربعة أضعاف، بالمقارنة مع أولئك الذين لم يتعاطوا المخدر. كانت النتيجة أكثر حسمًا بشأن اضطرابات الشخصية الفصامية. كان ظهور هذا الاضطراب مضاعفًا في أوساط من تعاطوا قنب الحشيش خلال حياتهم، بالمقارنة مع من لم يتعاطوا. كان انتشار حالة الشخصية الفصامية أكبر بنحو ثلاثة أضعاف في أوساط من أساؤوا استخدام هذا المخدر، بالمقارنة مع من لم يتعاطوه. كان انتشارها في أوساط المدمنين على قنب الحشيش أكبر بسبعة أضعاف بالمقارنة مع من لم يتعاطوه. العوامل الأساسية للشخصية الفصامية الشائعة في أوساط من استهلكوا قنب الحشيش بشكل أكبر كانت: التحفظ والأفكار الزورانية (paranoid)، تأثير غير ملاءَم أو مقلّص وسلوك غريب يشمل أفكارًا تضليلية، أفكارًا غيبية واضطرابات إدراكية. كما هو معروف، فإن اضطراب الشخصية الفصامية موجود في نطاق الفصام، وقد يؤدي تعاطي قنب الحشيش إلى ظهور هذا المرض. يشير الباحثون المذكورون أعلاه إلى أنه بالاستناد إلى هذا البحث مع مجموعة كبيرة ونموذجية، فلا شك بأن قنب الحشيش يشكل عامل خطورة كبيرًا للذهان.
ب. الإصابات الذهنية - من خبرتنا السريرية، فهذه هي أكثر الدلائل انتشارًا - قد يضر تعاطي قنب الحشيش في الذاكرة، في الإصغاء وفي التركيز. هذه أسباب ذات أهمية كبيرة وهي تفسّر تدهور هؤلاء الأشخاص في الدراسة، بالذات الشباب، كما وأن هناك ضرر يتسبب في مجالات الحياة الأخرى مثل العمل والحياة الاجتماعية.
ج. اضطرابات القلق والاضطرابات التفارقية - على الرغم من أن المتعاطين يستطيعون إبداء الهدوء لدى تعاطيهم المخدر، إلا أنه من المفضل أن نعرف أن هذه المادة يمكن أن تكون مسببًا لاضطرابات القلق، مثل نوبات الهلع والاضطرابات التفارقية مثل الغربة عن الواقع (Derealization)، تبدد الشخصية (Depersonalization) الضرر الشديد للأداء الشخصي، الزوجي، العائلي، الاجتماعي والمهني. لدى بعض المرضى، فإن الضرر التفارقي قد يستمر أشهرًا عديدة من بعد التوقف عن تعاطي المخدر.
د. تفاقم الأمراض النفسية وظهور أمراض خفية - المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية وظيفية شديدة (Severe Mental Illness) مثل الفصام، الاضطراب ثنائي الأقطاب (bi-polar disorder) والاضطراب الاكتئابي (depression)، والذين يتعاطون قنب الحشيش، يمكن أن تتفاقم حالتهم سواءً من الناحية السريرية أو من ناحية توقع سير المرض، أي غياب أو تأخير في الهجوع والمزيد من الرقود في أقسام الاستشفاء. تعزز الكتابات الطبية هذا الأمر.
ه. الإدمان بخلاف الخرافات القائمة - يدور الحديث عن مادة مسببة للإدمان أيضًا من الناحية النفسية وأيضًا من الناحية الجسمانية. يحتاج جزء من المتعاطين إلى فطام قد يكون صعبًا وطويلًا، بالأخص عند تعاطي أنواع قنب الحشيش التي تحتوي على تركيز عالي من THC. من جملة العلاجات المتوفرة: دمج C.B.T وأدوية من مجموعة S.S.R.I و- NDRI. لا شك أن دمج العلاج للمجموعات من أجل المساعدة الذاتية مثل المدمنين المجهولين (NA) قد يساعد كثيرًا.
و. أضرار أخرى مثل السياقة. نحن نعلم أن هناك أبحاثًا كثيرة تجرى حول العالم من أجل اختبار موضوع نجاعة قنب الحشيش في حالات نفسية معينة مثل PTSD. لا توجد حاليًا إجابات واضحة لذلك. هناك مركب في قنب الحشيش يسمى كانابيديول (CBD)، وهو ذو خواص شفائية في مجال الالتهابات، الاضطرابات العصبية المختلفة وأيضًا في مجال الصحة النفسية، بالأساس تقليل الخوف. للأسف، كانابيدول متوفر بتركيز منخفض بمعظم أنواع قنب الحشيش بما في ذلك "الميرخوانا الطبية"، بالمقارنة مع التركيز العالي لـ THC. هنالك مادة باستطاعتها حل هذه المعضلة تسمى ساتيفيكس (Sativex)، والتي يتم تناولها بواسطة بخاخ إلى داخل تجويف الفم، ومن إيجابياتها أنها تحتوي على THC و-CBD بنسبة 1:1. في مؤتمر رابطة أطباء الجهاز العصبي في 12.6.2013، أظهر بروفسور رايط من إنجلترا إيجابيات المادة في الحالات العصبية المختلفة. بخلاف الميرخوانا، فقد كانت لهذا المستحضر أعراض جانبية ذهنية أقل. يجب الإشارة إلى أن هذا المقال يتطرق فقط إلى جوانب معينة من المشكلة، ويهدف إلى توصيل المعلومات ذات الصلة إلى الأطباء، وهو غير متظاهر ولا يحاول أن يشمل أو أن يستنفد كامل الموضوع الذي يحتاج إلى تطرق أوسع.