الحالة
ابنة 39 سنة، دون وجود امراض نفسية سابقة.منذ شهر، لديها تشخيص
لمرض ويلسون بعد تسعة أشهر من الشكاوى العصبية الخفيفة والاكتئاب البسيط (أعراض التاريخ تلخيصها في الجدول 1). بدأت العلاج بـ (Trientin) والزنك. بعد العلاج طورت التهاب القولون المتقدم، وعولجت
بالبريدنيزون 40 ملغ يوميا، مع وقف العلاج بـ Trientin.
بعد ثلاثة أيام من بدء العلاج بالستروئيدات بدأت الأعراض النفسية في الظهور: الأرق، فرط اليقظة، أوهام السيطرة على الأفكار. حيث بقيت مستيقظة حتى وقت متأخر في حين عملت على جهازي كمبيوتر بالتزامن وقامت بالطهى في نفس الوقت. مدعية أنها نجمة سينمائية.
لدى فحصها بدت: مرتبة، تبدو وفق سنها. مفرطة الحركة، تقوم بحركات غريبة ("رقصتي الخاصة"). مع أثر العظمة والغرابة. رخاوة في التداعيات وأوهام في زرع الأفكار. ملمة في الزمان والمكان والحالة، غير قادرة على تنفيذ اختبار معرفي رسمي. اليقظة سليمة. في الفحص العصبي التحديد في النظر إلى أعلى، إطراق ضوء، انخفاض في وتيرة الترميش، شد في الرقبة، الانخفاض في حركات العين السلسة (smooth-pursuit)، ميل في انحناء العنق. لم يشاهد انعكاس مقطب glabellar reflex أوالتصلب من نوع العجلة المسننة (cogwheel). شوهدت في فحص العين حلقات كايزر فلايشرKayser–Fleischer rings.
الحالة النفسية الاجتماعية
متزوجة ولها طفلان، انهت دراستها العليا وتعمل مصممة لحسابها الخاص. لا يوجد تاريخ عائلي من المرض النفسي.
نتائج المختبر:
زيادة بسيطة في عدد الكريات البيضاء (13،500 خلية في الميكرو-ليتر)، دون المساس بالصفوف الإضافية. زيادة طفيفة في انزيمات الكبد والصفراء، دون ارتفاع في البيليروبين. أداء التخثر طبيعي.
مستويات منخفضة من السيرولوبلازمين (ceruloplasmin) في المصل (أقل من 2 ملغم / ديسيلتر) والنحاس في المصل (0.25 ميكروغرام / ديسيلتر) ومستويات عالية من النحاس في البول خلال تجميع لمدة 24 ساعة (187 ميكروجرام). وقد لوحظ في الـ MRI مناطق بؤرية مع أشارة كبيرة .
مسار العلاج
تم علاجها تحت تشخيص-عمل الذهان الذي أعزى إلى استخدام الستيرويدات. تم وقف البريدنيزون تدريجيا في غضون يومين، وحصلت المعالجة على جرعة واحدة من عقار olanzapine – Zyprexa تحتوي على 2.5 ملغ، ولكن نظرا لاختلالات كبيرة في العنق، انتقلت للعلاج بالكيوتيابين quetiapine – Seroquel يوميا 50 ملغ، خفضت إلى 12.5 ملغ يوميا بسبب انخفاض ضغط الدم، في هذه الجرعة استمرت بأن تكون ذهانية ومتكلفة (ادعت أنها ينبغي أن تشتري الأسهم بكمية كبيرة وأنها مدير عام لشركة). في الأيام الخمسة التي تلت رفعت الجرعة تدريجيا إلى 75 ملغ يوميا. حيث تحسنت المريضة من ناحية نفسية وتم تسريحها لبيتها.
في البيت استمرت في إظهار مستوى منخفض من التنظيم، والتفكير Msiknit، أوهام جنون العظمة ،الهلوسة، الضغط الكلامي كما أصبحت عدوانية. وقد دخلت المستشفى مرة أخرى بعد ثلاثة أسابيع، ورفعت جرعة الكيوتيابين إلى 400 ملغ في اليوم، مع استجابة جزئية للعلاج. وظلت المريض غير منظمة، غير متماسكة وتعاني من جنون العظمة. وقد طورت متلازمة (Capgras) وفكرت بإيذاء عائلتها. حيث تم نقلها إلى جناح مغلق للطب النفسي .
بعد استبعاد التهاب القولون عبر التنظير عاد العلاج بـ Triantin لمرضها الأساسي مع الزنك والذي واصلته من البداية. تم استبدال علاج الكيوتيابين بالهالوبريدول (هالوبيريدول - هاليدول) بجرعة 20 ملغ يوميا، الأمر الذي أدى لظهور أعراض رعاشية لذلك تم وقف ذلك تدريجيا. بعد أربعة أيام عادت للمتابعة الباطنية في أعقاب الإسهال الدموي وعودة التهاب القولون التقرحي وفقا للتنظير، كما تلقت العلاج بالبريدنيزون بجرعة 10 ملغ يوميا، لمدة أسبوع دون تفاقم الذهان. بدأ جنون العظمة بالتلاشي دون التحسن بالتفكير التشكيكي. خلال الأشهر الخمسة التالية ضعفت الأعراض الرعاشية بالتدريج، واستمرت في العلاج بكيوتيابين والكلونزابام (clonazepam – Clonex).
بعد مرور تسعة أشهر من بداية ظهور أعراض الذهان كانت المعالجة خالية من الذهان أو اضطراب المزاج، وعادت إلى عملها السابق. مستويات النحاس والتسوروبلازمين-Ceruloplasmin في الدم اقتربت من المعايير. في الأشهرالـ3 التالية تم وقف علاج الكيوتيابين تدريجيا.
بعد مرور 13 شهرا منذ ظهور الفترة الذهانية ظهرت أعراض اكتئاب متوسطة في أعقاب التفكير بـ "الوقت الذي اقتنصه المرض" (ويلسون). وقد عولجت المريضة لمدة 6 أشهر بالسيرترالين (
sertraline – Lustral, Serenada) حتى انقضاء الأعراض.
على مدى السنوات الـ 3 التالية، بقيت المريضة بدون أعراض وبدون العلاج النفسي والدوائي. وتابعت تناول الزنك كعلاج صيانة لمرض ويلسون.
خلفية: المظاهر النفسية لمرض ويلسون
مرض ويلسون هو مرض وراثي ينسب إلى إصابة جين ATP7B على الكروموسوم 13، وينعكس في تراكم النحاس الزائد في الكبد ،المخ والأنسجة الأخرى. ويقدر انتشاره بـ 1: 30000.
وقد ارتبط عدد كبير من الأعراض النفسية بهذا المرض، الأمر الذي أعطاه لقب "المخفي الأعظم" (""a great masquerader""). وقد وصف لأول مرة في عام 1912، عندما ظهرت 8 من أصل 12 حالة الموصوفة في مقال اخر ضمن الأعراض النفسية. وقد وصف الذهان في مراحل عديدة من هذا المرض، وغالبا ما أدى ذلك إلى تشخيص خاطئ لمرض انفصام الشخصية، حيث ثبت الأمر لسنوات عديدة حتى اكتشاف المرض الحقيقي.
الآلية الكامنة وراء الأعراض النفسية غير واضحة. لأن الأعراض النفسية يمكن أن تظهر في بداية المرض، فهي ليست بالضرورة ثانوية لوجود مرض طبي. وتشمل النظريات المختلفة التي طرحت الأضرار التي لحقت بتنظيم نظام الدوبامين الناجم عن مشكلة في العقد القاعدية (basal ganglia) أو ترسب النحاس وغيرها من العناصر الصغرى في الدماغ، كما يمكن أن يظهر في الفصام والاضطراب الثنائي القطب.
في قصة الحالة التي أمامنا قد يعتقد أن الهوس مرتبطة باستخدام الستيروئيدات، والذي بدأ بعد أيام قليلة من بدء العلاج بالبريدنيزون، والتي تضمنت زيادة في الطاقة، انخفاض في الحاجة إلى النوم والأفكار المبالغ بها. ومع ذلك، لم تلاحظ خصائص أخرى للهوس مثل ضغط الكلام، هروب الأفكار أو الانفعالات النفسية الحركية، إضافة لذلك ظهرت في وقت لاحق من الشهر أعراض ذهانية مثل الأفكار العبثية حول السيطرة، متلازمة كفجراس Capgras delusion. وتشير ثلاثة عوامل أن مرضها لا علاقة له بالستيروئيدات.
استمر الذهان لعدة أشهر بعد التوقف عن الستيروئيدات، في حين أن 90٪ من حالات الهوس نتيجة الستيروئيدات تنقضي في غضون 6 أسابيع بعد انتهاء العلاج.
لم تلاحظ اضطرابات مماثلة بعد العلاج الثاني بالستيروئيدات.
لم يلاحظ ضعف الادراك، والذي يحدث في 70٪ من الحالات التي تعزى للستيروئيدات.
أيضا، فإن ظهور الذهان في جيل متأخر، اداء نفسي - اجتماعي سليم قبل ظهوره وعدم وجود أعراض لا تدعم الاضطراب الذهاني الأولي، وبالتالي، حدد تشخيص الذهان الثانوي لحالة طبية (مرض ويلسون).
علاج وتشخيص المظاهر النفسية لمرض ويلسون
وعلى الرغم من انتشار الأعراض النفسية لمرض ويلسون، لا يعرف الكثير عن العلاج والتشخيص. هناك توجهان علاجيان:
- علاج المرض الأساسي، الذي يتضمن إخلاء الرواسب المرضية من النحاس بواسطة الزنك أو معدن ثقيل، الأمر الذي يخفف لوحده من الأعراض النفسية .
- الدواء النفسي أو العلاج النفسي الذي يعطى بغض النظر عن رواسب النحاس. ابلغ عن محاولة العلاج الدوائي بالليثيوم، هالوبيريدول، مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، البنزوديازيبيناتBenzodiazepine، كيوتيابين، ريسبيريدون (risperidone – Risperdal, Rispond) وكلوزابين ( clozapine – Leponex)، وكذلك العلاج بالصدمة الكهربائية (electroconvulsive therapy, ECT).
الحساسية للأدوية المضادة للذهان
يظهر المرضى الذين يعانون من مرض ويلسون ويعالجون بعلاج نفسي Psychotropic معدلات عالية من الأثار الجانبية العصبية. في هذه الحالة، يمكن رؤية آثار جانبية كبيرة مع جرعات منخفضة من مضادات الذهان غير النمطية والرعاش الحاد عند تناول الهالوبيريدول، والذي استمر لأسابيع بعد التوقف عن تناول الدواء. بالتالي، من المستحسن اختيار مضاد للذهان بمخاطر منخفضة للآثار الجانبية خارج الهرمية مثل كيوتيابين بجرعة منخفضة وزيادة الجرعة ببطء.
بيئة اعطاء العلاج النفسي
في كثير من الأحيان فإن المرضى الذين يعانون من مرض ويلسون يعانون من مرض ما (في هذه الحالة: التهاب القولون) والذي لا يمكن علاجه على النحو الأمثل في مستشفى للأمراض النفسية. ويعتبر النموذج المفضل هو مرافقة طبيب نفسي أثناء العلاج في المستشفيات الطبية، والذي اثبت فعاليته في حالات الإصابة العصبية أو إصابة الكبد.
بالإضافة إلى ذلك، ففي قصة الحالة المماثلة أمامنا، ساعد دعم الأسرة الجيد المريض على عدم المكوث في المستشفى لفترات طويلة على الرغم من الأعراض النفسية البارزة. كذلك تعليم المريض (psychoeducation) وعائلته، والتوجه لمنظمات دعم لها دور هام في التخفيف من عبء المرض.
مدة وأهداف العلاج
شفيت المريضة بعد 9 أشهر من العلاج . فمن الممكن أن هذه الفترة الطويلة من الزمن تعكس انخفاضا بطيئا في مستويات النحاس في الدماغ، ولكن أيضا ارتفاع بطيء في جرعات الأدوية النفسية - Psychotropic نظرا للحساسية من الآثار الجانبية. وبمجرد تحقيقه، استمر الشفاء لمدة ثلاث سنوات من دون علاج دوائي نفسي.
لا يوجد حاليا أي معلومات بشأن مدة العلاج الموصى كما لم تجري ابحاث حول العلاقة بين مستوى الإشارات البيولوجية وشدة الأعراض النفسية. من المستحسن مراقبة المرضى بشكل ملازم، فضلا عن رصد المؤشرات البيولوجية، في محاولة لتقليل أو وقف العلاج بالأدوية النفسية الاستوائية من أجل تجنب الآثار الجانبية على المدى القصير والطويل.
العلاج الدوائي الفعال لهذا المرض يؤدي حاليا إلى أن تكون الإصابة الادراكية التي لا رجعة فيها أمر نادر الحدوث، والهدف هو جعل المرضى الذين يعانون من أعراض نفسية يشفون ويعودون إلى الأداء السابق .
الاستنتاجات
علاج الأعراض النفسية لمرض ويلسون يتطلب المعايرة البطيئة للأدوية النفسية الاستوائية، جنبا إلى جنب مع علاج منهجي يمنع الترسيب ويسرع من إزالة النحاس. يهدف علاج الذهان لتحقيق الشفاء التام دون الحاجة لاستخدام صيانة الأدوية النفسية.
أسئلة للنقاش
هل نحن بحاجة إلى فحص وجود مرض ويلسون لدى المعالجين الذين سجل في ملفاتهم تشخيص الفصام ولم نفكر أنه ربما كان التشخيص الصحيح هو مرض ويلسون؟ هل نجري مثل هذا الفحص للمرضى المصابين بالذهان الأول؟ في أي الحالات نعم وفي أيها لا ، وعلى اي أساس يتم تحديد القرار؟!