الفصام الإصابة ،الأداء والشفاء

يواصل الباحثون والأطباء تمهيد الطريق لفهم الفيزيولوجيا المرضية لمرض انفصام الشخصية، كسر المفاهيم، وإيجاد علاجات جديدة من شأنها أن تغير مسار المرض

برعاية sponsered by
 الفصام الإصابة ،الأداء والشفاء

الاعتقاد السائد حاليا هو أن التشخيص السريري لمرض انفصام الشخصية، بكونه في الواقع عبارة عن مجموعة من الاضطرابات مع المسببات السريرية ، الاستجابة للعلاج ومسار المرض يختلف من مريض لآخر، وقد وضع الـ DSM-5 مصطلح الطيف الفصامي 1.

من حيث المسببات، لا يزال المخفي أعظم من المكشوف، حيث يبدو أن الفصام هو مرض مع مكونات عصبية تطورية (Neuro-developmental)، و أيضا Neurodegenerative، حيث يتضح أنه وبصرف النظر عن الإصابة الواضحة لأجسام الخلايا العصبية (المادة الرمادية)، يتضح أن الضرر السريري  ينبع نتيجة لإصابة المادة البيضاء والروابط بين الخلايا العصبية 2.
 
الفصام هو مرض مزمن، وعادة ما يتميز بدورات من التفاقم والهدوء (remissions). يتميز التفاقم بحالة ذهانية حادة تؤثر سلبا على الأداء وتسبب المعاناة الكبيرة للمرضى، ولكن حتى عند توقف الأعراض الذهانية هناك مظاهر مزمنة تتميز  بالأداء الاجتماعي والوظيفي السيء، فضلا عن الإضرار بالاستقلالية والإبلاغ الشخصي حول سوء جودة الحياة.
 
على الرغم من أن ما يقرب من 65٪ -85٪ من المرضى يستجيبون للعلاج الدوائي ويحققون التراجع  السريري في مظاهر الهلوسة أو الأوهام، فإن أكثر من ثلثي المرضى وأسرهم  يقرون بوجود ضرر كبير في الحياة اليومية. ومعنى ذلك أن التراجع في الأعراض الذهانية لا يعني تراجعا في أعراض هذا المرض على المستوى الأدائي.
 

جودة  الحياة

الشفاء الوظيفي في مجالات الإدراك، جودة  الحياة والأداء الاجتماعي والعمل، هو هدف علاجي بحد ذاته. ويشدد هذا الفهم الحاجة إلى تقييم أفضل للأداء، بناء برنامج موجه لعلاج الاختلال الوظيفي وتحسين التجربة الذاتية والموضوعية بشأن الرفاه (well-being)، وجودة الحياة (quality of life) للذين يواجهون مرض الفصام.
 
ويستند تقييم أوجه الإصابات جراء الفصام على الاختبارات النفسية العصبية، حيث وجد أن تلك الاختبارات محدودة في قدرتها على تشخيص الاضطراب الوظيفي. حاليا، هنالك مجموعة واسعة من الأدوات المتاحة للمعالجين لتشخيص أكثر دقة للإعاقة الوظيفية، وبالتالي بناء برنامج إعادة تأهيل .
 
الأدوية الجديدة مع انخفاض بروفيل الأعراض الجانبية،  العلاج المجتمعي الحثيث (CAT / ACT ء) 10/09، التقريب النفسي ودعم الأسرة،  برامج العمل المدعومة والتدريب على المهارات الاجتماعية، ليست سوى بعض العلاجات من مختلف المجالات التي تتيح تحسين الأداء وتحسين نوعية الحياة للمرضى وأسرهم .
ولكن يبقى السؤال الأساسي - هل الاضطراب  الوظيفي والعجز المزمن ضمن الفصام هي أمور لا مفر منها؟ وهل حكم على الأشخاص الذين يعانون من مرض انفصام الشخصية العزلة الاجتماعية، المحدودية، الإعاقة والمعاناة؟
 
يبدو أننا على المستوى التقني لا نعالج  مرض انفصام الشخصية  كما نعالج غيره من الأمراض المزمنة: السرطان،السكري ،تصلب الشرايين هي من الأمراض المزمنة التي قد تؤدي إلى الإصابة بالأمراض والوفيات بنسبة كبيرة. ولكن تظهر العديد من الدراسات أن التشخيص والعلاج  المبكرين وكذلك الاستجابة للعلاج السلوكي والعلاج بالأدوية قد تكون فعالة، مع أنها لن تقوم بعلاج هذه الأمراض، ولكنها بالتأكيد ستمنع الإصابة، العجز والوفاة التي قد تحدث جراءها .
بخصوص الفصام مع ذلك، فإن الاكتشاف والعلاج المبكرغير كاف. على الرغم من أنه من الواضح أن الفترة المتواصلة من الذهان الأولي (Long Duration of Psychosis) وجد مرتبطا  مع سوء التكهن، وأن هنالك تكهن أدائي أفضل عند التدخل العلاجي الأبكر. حيث يظهر أن حوالي نصف المرضى الذين يعانون من النوبة الذهانية الأولى عانوا من أعراض ذهانية قبل نحو عام ونصف من تلقي العلاج الابتدائي.
وجد عدم الالتزام بتناول أدوية مرض الفصام بعلاقة واضحة  مع حالات التفاقم المتكررة للمرض، حالات التسرير المتكرر في المستشفيات، السلوك المضر بالنفس و جودة الحياة السيئة. على الرغم من كل هذا، هناك امتثال  منخفض لتناول الدواء مع مرور الوقت: حوالي نصف المرضى يتوقفوا عن تناول العلاج خلال 5 أشهر، ونحو ثلاثة أرباع المرضى يتوقفوا عن تناول العلاج في غضون عام ونصف.
 
التدخل المبكر والتقيد بالدواء قد يحسنا بشكل كبير من تشخيص المرض، التخفيف من المعاناة،  الضعف والعجز وتحسين الأداء على المدى الطويل.
 

الفصام ليس  قابلا للعلاج

حقيقة كون الفصام ليس قابلا للعلاج (cure) انطلاقا من طبيعته المزمنة،  تؤدي إلى اليأس لدى المرضى وأسرهم ولدى مقدمي الرعاية، وتؤدي إلى الإضرار بالأمل بحياة مرضية، وبصعوبة تقبل المرض المزمن لدى المرضى، وبالتالي -  القدرة على التعاون مع العلاج وتمجيد النظرة الاجتماعية. التعافي (recovery) كهدنة عرضية طويلة وأداء متوازن ومستقر، هو مفهوم يستخدم أكثر وأكثر كهدف علاجي.
 
يواصل الباحثون والأطباء تمهيد الطريق لفهم الفيزيولوجيا المرضية لمرض انفصام الشخصية، كسر المفاهيم، وإيجاد علاجات دوائية وغير دوائية جديدة من شأنها أن تغير مسار المرض.
 
إضافة الى العلاج الدوائي والتأهيل النفسي، وحتى الاختراق المقبل،  نحن كمعالجين  يمكننا أيضا التركيز على توفير الأمل، نزع النظرة الاجتماعية النمطية ،التمكين الشخصي، قبول الذات، البصيرة، الوعي، تحسين التعاون مع المهنيين والالتزام بالعلاج، الشعور بالإستقلالية وضبط النفس.
 
 
نشرت من قبل ويب طب - الثلاثاء 5 كانون الثاني 2016

آخر الأخبار