باحثون بريطانيون الفصام هو في الواقع مجموعة من الاضطرابات النفسية

يدعي الباحثون أن مرض الفصام هو في الواقع مظلة للإضطرابات النفسية، وهو منتشر بين العامة، والأطباء النفسيين يواجهون الحالات الأكثر تعقيدا فقط

برعاية sponsered by

منذ أكثر من مئة عام، في 24 أبريل عام 1908، وفي محاضرة لأعضاء رابطة الأطباء النفسيين في برلين، ظهر في العالم مصطلح "الفصام". أول من صاغ هذا المصطلح كان الطبيب النفسي السويسري الرائد, الاستاذ الشهير يوجين بلويلر (Eugen Bleuler) , الذي أدار مستشفى للأمراض النفسية في زيوريخ. ارتبطت على مر السنين، بهذا المصطلح خرافات عدة، جنبا إلى جنب مع تعريفات خاطئة. حظي المرض بإهتمام خاص في أعقاب فوز عالم الرياضيات الأمريكي جون ناش بجائزة نوبل في الاقتصاد لعمله في نظرية الألعاب.وكشف ناش بنفسه، بشجاعة كبيرة، انه عانى من البارانويا( جنون الارتياب) عندما كان لا يزال شابا حيث تم تشخيصه على انه يعاني من الفصام وأنه عانى من المرض في معظم سنوات حياته ومكث في المستشفى في اوقات متقطعة.  وقد كتبت مقالة عنه تحت عنوان "السنوات الضائعة من حياة الحاصل على جائزة نوبل"، والتي نشرت في عام 1994 في صحيفة نيويورك تايمز حيث حظيت باهتمام واسع النطاق في العالم.

  تم توسيع المقالة الى كتاب سجل نجاحا كبيرا، وكان من أكثر الكتب مبيعا وجاء بعده فيلم ذو إقبال شديد بإسم "عجائب العقل" ، حيث فاز بأربع جوائز اوسكار وجائزة الغولدن غلوب. مع مرور الوقت , ألتصقت بمرض الفصام تسمية "المرض الأخطر" . وذلك عندما طرحت احدى وسائل الإعلام في المملكة المتحدة  ذات مرة السؤال التالي على  قرائها : "اي الأمراض التالية يخيفك اكثر من البقية - السرطان؟ السكتة الدماغية؟ الفصام؟ الخرف؟" - وكانت الإجابة التي قدمها غالبية المستطلعين هي الفصام. الا انه الآن يعتقد الكثير من الباحثين أن الفصام هو ليس عبارة عن مرض واحد واضح . هذا لا يعني أن كل من تم تشخيصه بهذه المرض لا يعاني من مشاكل في الصحة العقلية، وحتى الخطيرة منها، الا ان هنالك معرفة متزايدة بأن الفصام هو في الواقع "مظلة واسعة" من الاضطرابات في مجال الصحة العقلية.

بالإضافة الى ذلك , يدعي الباحثون ان نطاق الفصام يشتمل على عدد أكبر من الناس مما كانوا يتوقعون حتى الآن. حول هذا الموضوع يدور الكتاب الجديد , في اللغة الإنجليزية, الذي نشر مؤخراً من قبل مطبعة جامعة أكسفورد: Paranoia: the 21st Century Fear, وقد كتبه كل من البروفيسور دانيال فريمان، وهو طبيب نفسي سريري ,عضو في المجلس الوطني البريطاني للبحوث الطبية وزميله جيسون فريمان، من كلية كلوج جامعة "أكسفورد" .كرست الصحيفة البريطانية "Guardian" مقالا مميزا عن الكتاب في الاسبوع الماضي . "الفصام" , قال المؤلفون "هو في الواقع مصطلح مظلة وتختبئ تحته ستة أوضاع منفصلة في مجال الصحة النفسية - جنون الارتياب (البارانويا), هوس العظمة (Grandiosity , أوهام الشخص فيما يتعلق بإمتلاكه قوات خاصة ) , الهلوسة (سماع أصوات غير موجودة) , إضطرابات إدراكية ( مما يجعل امكانية التفكير السليم والجدي مستحيلة) وعدم القدرة على الشعور بالمتعة (عدم القدرة على التعبير عن السعادة)، عدم القدرة على التعبير عن العواطف أو تناقص هذه القدرة (الخدر العاطفي). يشير المؤلفان في الكتاب الجديد الى الاسباب المهنية في مجال الصحة النفسية, حيث يميل الأطباء النفسيون والمعالجون إلى الكشف على الأشخاص وهم في الوضع النفسي الأكثر تدهوراً, وهم يميلون بشكل عام للمعاناة من مشاكل عديدة وليس من مشكلة واحدة فقط, المميزة بأعراضها الواضحة. قدر المؤلفان انه حتى اللحظة  لدى 1% من العامة يظهر مرض الفصام , بتعريفه التاريخي. الا انه من الواضح الان ان المشاكل النفسية المندرجة تحت هذه التسمية أكثر شيوعا بين العامة. وفقاً للكتاب, ما يقارب 20% من البالغين في بريطانيا أشاروا في الاستطلاع الذي أجري في الدولة , انه في السنة التي سبقت عرض الموضوع عانوا من " الشعور بأن الآخرين يعملون ضدهم" و 1.8% خافوا من ان هذه المخاوف قد تسببت بالضرر لهم. بكلمات أخرى: لقد أجابوا على التعريف على أنهم يعانون من جنون الارتياب (بارانويا). في التجربة التي أجراها مؤلفوا الكتاب, بواسطة استخدام أدوات الالعاب التي تعمل بواسطة تكنولوجيا الواقع الافتراضي, أبلغ 40% من المشاركين, انهم شعروا بأن مخلوقات "أفاتار" ( رسوم متحركة تشبه الانسان), والذين تم إنشائهم بواسطة برنامج محوسب وكانوا جزءاً من هذه الالعاب المحوسبة, أظهروا العداء اتجاههم. والسؤال هو...هل جميعهم يندرجون تحت التعريف على انهم يعانون من الفصام؟ يسأل المؤلفون. وما الذي يسبب هذه التجارب النفسية؟ وفقاً للكتاب الجديد, أشارت الدراسات الى ان الحياة في المدن الكبيرة, تعاطي المخدرات, الهجرة والتنقل من مكان الى آخر, الفقر والتجارب المؤلمة في الطفولة وفي أعقاب أحداث سلبية في مرحلة متقدمة من العمر - ككونه ضحية لمحاولة هجوم - تحفز ظهور المشاكل النفسية المختلفة. 

يرتبط السلوك جراء جنون الارتياب (البارانويا) بالميل للخوف, الاكتئاب, النوم السيء او القليل. "الاستجابة بحسب الجرعة" - Dose-response - كما يسمّونَه العلماء الذين يقومون ببحث المشاكل النفسية المختلفة : كلما عشنا تجارب اكثر, هنالك احتمال اكبر لإلحاق الضرر بالصحة العقلية. كذلك فإن العوامل الوراثية تلعب دوراً في ظهور مرض الفصام , على الرغم من عدم وجود جين واحد محدد مسبب للمرض.

نشرت من قبل ويب طب - الخميس 26 شباط 2015

آخر الأخبار