بريتاني تختار الموت الرحيم بدلا من عذاب سرطان الدماغ المتقدم
“بعد أشهر من البحث، توصلنا أنا وعائلتي إلى نتيجة مؤلمة، وهي أنه لا يوجد أي علاج من شأنه ان ينقذ حياتي، لذلك سأختار الموت الرحيم"! هذا ما كتبته الشابة الأمريكية بريتاني ماينرد- Brittany Maynard على الموقع الالكتروني الرسمي لها. ما هي قصة هذه الشابة؟ وماذا دفعها إلى اختيار الموت الرحيم؟

بريتاني، هي شابة أمريكية، تبلغ من العمر الـ 29 عاما، أبلغها الأطباء بأنها تعاني من سرطان الدماغ وفي مراحله المتقدمة، وذلك بعد سنوات من المعاناة من الصداع الرهيب! وقدر الأطباء بأن أمامها 6 أشهر للحياة فقط! لذا وبعد مشاورات مع عائلتها وزوجها، اتخذت قرارا باختيار الموت الرحيم لتنهي حياتها "بكرامة" مثلما قالت. فاختارت اليوم المناسب لتنفيذ الموت الرحيم (الأول من شهر نوفمبر-تشرين الثاني) على أن يكون في غرفة نومها وبجانب زوجها ووالدتها.
أوضحت بريتاني في فيديو لها على موقعها الالكتروني، بأنها عانت من الصداع الشديد بعد أشهر قليلة من زواجها، للتوجه من بعدها إلى المستشفى لتلقي العلاج، واكتشف الأطباء أنها مصابة بسرطان الدماغ في مرحلته الثانية، وأن أمامها من 3-10 سنوات للحياة. وبعد عدة زيارات إلى الطبيب، لاحظ انتشار الورم بصورة كبيرة، ليبلغها أسفا أن أمامها 6 أشهر للحياة فقط، بعد تطور المرض إلى المرحلة الرابعة (وهي المرحلة الاخطر من مراحل تطور السرطان)! بريتاني كانت تحضر لانشاء عائلة مع زوجها عند تلقيهما للخبر الصادم، الذي تركهما محطمي الفؤاد.
وقالت بريتاني: "أنا اختار الموت الرحيم كي أموت بكرامة، فالموت الرحيم أخلاقيا كونه اختياريا، فمرضي يزداد يوما بعد يوم، وألمي لا يتوقف، وأمامي أشهر معدودة للحياة، لذا اختار الموت الرحيم".
ماذا أصاب بريتاني؟
الورم الدبقي متعدد الأشكال - Glioblastoma multiforme والذي يعتبر من اكثر أشكال سرطانات الدماغ عدوانية وإماتة، هو ما أصاب بريتاني! حيث ينتشر هذا الورم ويكبر بسرعة إلى جميع أجزاء الدماغ، وله القدرة على اختراق الأنسجة المحيطة في الدماغ. يبدء هذا المرض من الخلايا الدبقية - glial cells، وينتشر من بعدها، مسببا ضغطا كبيرا في الدماغ، وصداع، وغثيان وقيء، وتتطور الأعراض مع تطور المرض، وقد يصاب المرضى في ضعف بالذاكرة وصعوبات في النطق وتغييرات بصرية.
ومن الصعب علاج هذا النوع من السرطان، وذلك بسبب احتواءه على أنواع مختلفة من الخلايا، حيث قد تستجيب بعض الخلايا للعلاج، ولا تتأثر الخلايا الأخرى! ويستحيل خلال العلاج والعمليات الجراحية التخلص من الورم كله، بالتالي يستخدم الاشعاع والعلاج الكيميائي من أجل ابطاء انتشار الورم. وتشير الدراسات ان فئة قليلة من مرضى هذا النوع من السرطان يعيشون كحد أقصى 3 سنوات بغض النظر عن أي علاج يتم تلقيه، وهذا ما كانت بريتاني تعاني منه.
هناك 4 مراحل أساسية لمرض السرطان:
- المرحلة الأولى: هي المرحلة التي لا زال بها الورم مكانه، أي لم ينتشر وينقسم، والأمل في العلاج في هذه المرحلة كبير جدا، وذلك عن طريق استئصال الورم بعملية جراحية.
- المرحلة الثانية: هو الان ورم صغير، لم ينتشر بعمق في الخلايا المجاورة، ولم يصل الغدد اللمفاوية أو أجزاء أخرى من الجسم.
- المرحلة الثالثة: في هذه المرحلة يكون السرطان قد انتشر بصورة أكبر في الخلايا المجاورة ووصل إلى الغدد اللمفاوية، إلا أنه لم ينتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم بعد.
- المرحلة الرابعة: هي المرحلة التي ينتشر فيها السرطان إلى أجزاء أخرى من جسم الانسان، وتعتبر هذه المرحلة المتقدمة في السرطان.
بريتاني والموت الرحيم
اضطرت بريتاني إلى الانتقال مع عائلتها إلى ولاية أخرى تسمح بتطيق قانون الموت الرحيم، حيث أن هناك خمس ولايات امريكية فقط تسمح بتطيق الموت الرحيم.
في عام 1997 بدء تطبيق فكرة الموت الرحيم في ولاية Oregon الأمريكية، والتي تسمح لمرضى المراحل النهائية والمتقدمة، أي الذين لا يمكن شفائهم اطلاقاً، بوضع حد لحياتهم، باستخدام أدوية قاتلة، وذلك لعدم المعاناة مع أعراض المرض المنهكة. ومنذ عام 1997، قام 752 مريضا باستخدام الموت الرحيم لإنهاء معاناته مع المرض وأعراضه.
وتختلف وجهات النظر ما بين مؤيد ومعارض في العالم العربي حول هذه الظاهرة، حيث ان الديانات السموية حرمت قتل النفس، إلا أن مسألة الموت الرحيم لا تزال قيد النقاش. ففي جلسة نقاشية حول موضوع الموت الرحيم في الدوحة وجدوا أن هذا الموضوع لا يزال بحاجة إلى الكثير من البحث والتدقيق من وجهات نظر مختلفة: شرعية، طبية وقانونية.
ففي الإمارات مثلا، رفضت الحكومة طلب بعض الأطباء بتطبيق الموت الرحيم على بعض المرضى "المفقود الأمل" في علاجهم، وأبلغتهم أن هذا الأمر مرفوض بتاتا حتى في حالات الموت الدماغي أو السريري! ويعتبر القتل الرحيم في أغلب دول العالم جريمة يعاقب عليها القانون.