بحث جديد يشرح ويكشف اسرار انتشار سرطان من الجلد
وقفاً لاكتشاف طاقم من الباحثين فإن"اللقاء بين سرطان الجلد (الميلانوما) وبين الطبقة العليا من البشرة هو ما يحول سرطان الجلد لخبيث"
برعاية

فريق من الباحثين متعددي التخصصات، يقدمان للمرة الأولى شرح مفصل لكيفية انتشار سرطان الجلد (ميلانوما). هذا الشرح يوفر استراتيجية علاجية دوائية جديدة من شأنها محاربة أحد أنواع السرطان الاكثر شيوعاً وفتكاً.
سرطان الجلد (من نوع ميلانوما) هو نوع من السرطان الناجم عن الانقسام غير المنضبط للخلايا ميلانينية المنشا (Melanocyte) في الجلد. تتواجد هذه الخلايا في طبقة البشرة وهي مسؤولة عن إنتاج الميلانين - صبغة تمتص الأشعة بموجات قصيرة ، وبالتالي تحمي الجلد من خطر التعرض لأشعة الشمس. الميلانوما هو سرطان الجلد الاكثر فتكا. في البلدان المتقدمة ويتزايد عدد المرضى الذين يعانون من سرطان الجلد في كل عام.
"تتطور الميلانوما على مرحلتين"، تقول الدكتورة ليفي قائدة الدراسة "أول الخلايا السرطانية المتكاثرة في البشرة epidermis، أي طبقة الجلد الخارجية. في حال تم تشخيص الورم في هذا الوقت، يمكن إزالته من الجلد بإجراء طبي بسيط. في المرحلة الثانية تخترق الخلايا السرطانية طبقة الادمة (Dermis) - ومنها إلى الأوعية الدموية. السرطان يمكن أن يرسو في الدورة الدموية وخلق نقيلات سرطانية تنتشر في أجزاء مختلفة من الجسم ".
"وكان السؤال الذي يعنينا ما الذي يؤدي بالخلايا السرطانية من اختراق البشرة إلى الأدمة. وحتى الآن كانت المسألة مفتوحة تماما. لقد لاحظت أن بكل صور المحاكاة الكلاسيكية لتطور سرطان الجلد، من النوع الذي تجده في كل بحث على جوجل، ترى شيئا غريبا: ارتفاع الخلايا السرطانية إلى سطح الجلد أولا، ومن ثم اختراق الأوعية الدموية. طفا السؤال: لماذا يبذل السرطان "الطاقة" للارتفاع الأولي هذا؟ لماذا لا يخترق الأدمة والوعية الدموية مباشرة؟"
بحثت الدراسة بمستوى التركيب الجزيئي المبنى وتعقيد نسيج البشرة والأدمة. " لقد قدرنا أن الخلايا السرطانية ترتفع" عند تغيير بيئة الخلايا المجاورة، والتي بدونها لا يمكن أن تمضي الخلايا قدما في اختراق الأوعية الدموية - ليصبح السرطان نقيليا."
تم في البحث جمع عينات من أنسجة الجلد السليم وتم تنفيذ فصل لجميع الطبقات. وفي تتمة التجربة خلطت طبقات الجلد المختلفة مع الخلايا السرطانية، وذلك للتحقق من التعبير عن الجينات (Gene Expression) للميلانوما.
أكدت النتائج الفرضية البحثية : "ان اللقاء بين الميلانوما وبين الطبقة العليا من البشرة هو ما يجعل سرطان الجلد خبيثا".
"لا يتم التعبير عن العديد من الجينات في الخلايا العادية"، أكدت الدكتورة المسؤولة، "عندما تصل الخلايا السرطانية الطبقة العليا من البشرة، فتلك في الواقع بيئة جديدة بالنسبة لها حيث ترتبط فيها بالخلايا الكيراتينية - خلايا موجودة في مستوى عال من التصنيف خاصة في البشرة العليا. وتلك مسؤولة، من بين أمور أخرى، عن إنتاج الكرياتين Creatin. هذه العلاقة تؤدي لتشغيل إشارة بيولوجية تشغل بدورها جينات نائمة في الخلايا السرطانية، وتؤدي بدورها لتغيير شكلها وتتيح لها التنقل واختراق الأوعية الدموية. وهو عبارة عن دومينو جيني. تكون نتائجه - ورم خبيث".
وتعتقد الدكتورة المسؤولة أن هذا الاكتشاف يشكل أيضا أملا علاجيا سريريا. "هذه الإشارة موجودة في العديد من الخلايا. الدواء المعروف باسم DAPT يعيق تشغيل الإشارة. استخدمنا في البحث زرع الخلايا السرطانية للميلانوما . وهي قامت بالعمل فعلاً! تم صد الاتصال، لم يتم تنشيط الإشارة ولم يصبح السرطان نقيليا. يدور الحديث عن دواء تمت الموافقة عليه من قبل الـ FDA. ربما في المستقبل، يمكننا أن نعطيه كعلاج لمنع الميلانوما. وقد يتوفر على شكل كريم يدهن موضعيا، مثل الكريم الواقي من الشمس".
بالإضافة للآثار في مجال الطب الوقائي، فلنتائج البحث أيضا انعكاسات على القدرة على تشخيص سرطان الجلد، وتعتقد الدكتورة المسؤولة "هذا السرطان يتطور على مدى سنوات عديدة. عندما يطلب طبيب الامراض الجلدية بأخذ خزعة، ويتعقب هو وطبيب علم الأمراض (الباثولوجيا pathology) نمو الورم، فوفقا لعمق تغلغل الخلايا السرطانية يقررا ما إذا كان الورم حميدا أو خبيثا. في حال كان السرطان على عمق مليمتر واحد أو اثنين في الأدمة، يأمر الطبيب بإجراء العلاج الإشعاعي. نحن نقترح طريقة أخرى أكثر دقة بكثير: أخذ عينات من الخلايا والتحقق فيما إذا كان قد تم تنشيط الإشارة في خلايا سرطان الجلد. بهذه الطريقة سيكون من الممكن أن نعرف بدقة ما إذا كان الورم حميدا أو نقيليا".