علاج تعاطي المخدرات والتهاب الكبد C
ثورة في العلاج من تعاطي المخدرات لدى المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد C

التهاب الكبد C هو مرض فيروسي الذي من الصعب اكتشافه لأنه حتى في مراحله المتقدمة، فان هذا المرض نادرا ما يسبب للأعراض. وتشير التقديرات إلى أن هناك الكثير من الحاملين للمرض والذين على ما يبدو لا يعرفون بذلك. إذا اتسم العلاج حتى الآن بهذا المرض بالفترة الطويلة، الآثار الجانبية الخطيرة والفعالة المتوسطة بنسبة نجاح تقدر بنحو 40-50% - في العام الماضي تم تحقيق اختراق حقيقي الذي يتيح معالجة أسرع مع كفاءة في التخلص من الفيروس تصل الى حوالي 90% لدى معظم المرضى.
تشخيص المرض صعب نظرا لعدم وجود أعراض:
بما انه لا يوجد أعراض للمرض، فمن الصعب اكتشافه (على الرغم من انه في الحالات المشتبه بها، فالتشخيص يتم من خلال فحص الأجسام المضادة البسيط) وعادة ما يكون الكشف عشوائي - وهذا هو أيضا السبب الذي لأجله يسمى المرض "الوباء الصامت".
عادة ما يتم الاشتباه بوجود التهاب الكبد C عندما يكتشف اضطراب في وظائف الكبد في فحوص الدم الروتينية. في هذه الحالة يتم إجراء فحص الأجسام المضادة للفيروس، وإذا كان الجواب ايجابي، فيجب تأكيد التشخيص عن طريق الفحص المباشر لمستوى الفيروس في الدم (فحص كمي للحمض النووي الريبي- RNA للفيروس).
لدى 15-20% من الأشخاص الذين يكون لديهم فحص الأجسام المضادة إيجابي، يكون فحص الـ RNA الفيروسي سلبي. هؤلاء الأشخاص أصيبوا بـ hepatitis C بالتهاب الكبد C في الماضي وتمكنوا من التخلص من الفيروس. ومع ذلك، في معظم الحالات يكون اختبار الأجسام المضادة الإيجابي علامة على وجود الفيروس ويتطلب استمرار التحقيق وبقدر الامكان أيضا اعطاء العلاج.
في كثير من الحالات هذا المرض لا يسبب لظهور الأعراض لسنوات عديدة، ولكن في الحالة المتقدمة من المرض فقد تظهر أعراض مثل التعب، الاستسقاء، اليرقان، النزيف من الجهاز الهضمي وحتى الاضطرابات العصبية الناجمة عن تضرر الكبد.
من المهم التأكيد على أن تضرر الكبد بسبب فيروس التهاب الكبد C يتطور ببطء شديد وغالبا ما يتطلب عقودا من المرض لكي يسبب لضرر خطير للكبد. من بين العوامل التي تسرع عملية تطور الضرر في الكبد في المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد C يمكن ذكر استهلاك الكحول المفرط، الاصابة بالعدوى في سن متقدمه ووجود الفيروس بالمتزامن مع فيروس آخر مثل فيروس التهاب الكبد B أو فيروس نقص المناعة البشرية HIV.
من موجود ضمن مجموعة الخطر للإصابة بالتهاب الكبد C؟
بما ان طريقة انتقال العدوى هي عن طريق الاتصال مع الدم الملوث، فالفئات المعرضة للخطر والتي يوجد لديها فرص أعلى لاكتشاف الفيروس هم الأشخاص الذين حصلوا على عينات من الدم ومنتجاته قبل عام 1992 (عندما تم الكشف عن الفيروس)، الأشخاص الذين تتعاطى المخدرات عن طريق الحقن المباشر للمخدر في الوريد والذين ينقلون الإبرة الملوثة من واحد إلى آخر، وكذلك كل من تعرض للعلاجات الطبية مثل التطعيمات، علاجات الأسنان، الوشم الخ في ظروف غير معقمة ومعدات التي يتم استخدامها أكثر من مره.
العلاجات الحالية:
حتى وقت قريب، العلاج المقبول في العالم هو العلاج المدمج الذي يشمل ثلاثة أدوية هي: حقنة أسبوعية من الانترفيرون (Interferon) بالإضافة إلى حبوب الريبويرين ونوع آخر من الأدوية التي تعطى على شكل حبوب من عائلة مثبطات الأنزيم بروتياز- Protease، الأدوية التي تعيق تكاثر الفيروس والتي تستخدم للعلاج الروتيني منذ عام 2009.
تعطى هذه العلاجات لفترة طويلة (ستة أشهر إلى سنة)، وتسبب لدى بعض المرضى آثار جانبية خطيرة. الآثار الجانبية تحتوي على قائمة طويلة تتضمن الحمى الشديدة، آلام في العضلات، الضعف وكذلك انخفاض ملحوظ في مستوى الهيموغلوبين، في عدد كريات الدم البيضاء والصفائح الدموية.
الآثار الجانبية الأخرى هي تساقط الشعر الجزئي، الطفح الجلدي، أعراض نفسية التي تشمل بالأساس العصبية والاكتئاب وتفاقم أمراض المناعة الذاتية (الصدفية، أمراض الغدة الدرقية، أمراض الكبد المرتبطة بالمناعة الذاتية، الأمراض الالتهابية في الأمعاء، وغيرها). كل هذه العوامل تؤدي بالعديد من المرضى للتخلي عن العلاج من تلقاء أنفسهم أو بناء على نصيحة الطبيب المعالج قبل انتهاء الموعد الموصى به، مما يسبب بالطبع انخفاضا في فعالية العلاج.
تقدم العلاج:
الأدوية الجديدة التي تم إدخالها في العام الماضي أحدثت تغييرا حقيقيا أيضا بطول مدة العلاج، أيضا في الآثار الجانبية وأيضا بنسبة الشفاء من المرض. الأدوية الجديدة تعطى فقط على شكل حبوب وتعيق مراحل مختلفة في دورة حياة الفيروس.
بعض من هذه الأدوية تم إدخالها في الولايات المتحدة بشكل محدود ربما بسبب تكلفتها العالية. هذه الأدوية تقلل من وقت العلاج إلى 12 أو حتى ثمانية أسابيع، تسبب آثار جانبية أقل وفعالية العلاج تصل إلى 90% أو أكثر.
الميزة الكبيرة للأدوية الجديدة هي انها لا تعتمد على اعطاء الإنترفيرون، الذي كان مسئولا عن غالبية الآثار الجانبية المعروفة من العلاج السابق. التحمل الجيد للدواء يسمح لعلاج الكثير من المرضى الذين فشلوا أو يئسوا من العلاج السابق بسبب فعاليته المحدودة والآثار الجانبية الشديدة الناجمة عنه.
من دون أدنى شك يمكن تسمية هذه الإنجازات بالثورة الحقيقية في علاج هذا المرض لأنه أيضا علاج مناسب للمرضى الذين لم يتم علاجهم بعد، ولكن أيضا للمرضى الذين عولجوا في الماضي وفشلوا أو توقفوا عن أخذ العلاج بسبب الآثار الجانبية التي لا تطاق. لهؤلاء المرضى، الذين يوجد لدى البعض منهم أيضا مرض في مرحلة متقدمة في الكبد تعطي هذه العلاجات الجديدة أمل حقيقي لشفاء مرضهم.
يجدر بالذكر أيضا ان الأدوية الجديدة لالتهاب الكبد C أعطيت بنجاح للمرضى المصابين بأمراض الكبد المتقدمة وحتى لدى المرضى الذين عاد المرض لديهم بعد عملية زرع الكبد. هذه الأدوية تعطى أيضا بنجاح للمرضى المصابين بتلوث الذي يشمل التهاب الكبد C مع فيروس نقص المناعة البشرية HIV.