استطلاع خلفية وطريقة علاج مرض الصدفية Psoriasis
إن اختيار العلاج الجهازي الملائم لمريض معين، متعلق أيضًا بالعلاجات السابقة التي تلقاها، برغباته وأمراضه السابقة
الصدفية (Psoriasis) هي مرض جلدي مزمن وشائع، وهو من مجموعة الأمراض الحطاطية الحرشفية (Papulosquamous Diseases) التي تؤثر بنفس الدرجة على النساء والرجال.
يمكن أن يبدأ مرض الصدفية في كل جيل، إلا أن أوج ظهوره لأول مرة يكون في جيل 20-30 عامًا وفي جيل 50-69 عامًا. تعتبر الصدفية مرضًا معقدًا يتوسطه جهاز المناعة (Complex Immune Mediated) وظهوره متعلق بالميل الوراثي.
اتضح أنه في مرض الصدفية، يطرأ سوء انتظام في المركبات المناعية Innate و-Adaptive. تفرز الخلايا التغصنية البلازماوية الشكل (Plasmacytoid Dendretic Cells) ال-INF alpha الذي يؤدي إلى تنشيط الخلايا التغصنية النخاعية. إن (Cytokines) السيتوكينات IL23، IL12 التي يتم إفرازها من قبل الخلايا التغصنية النخاعية، تحث تكوّن خلايا Th1، Th17 - وهي تؤدي دورًا مهمًا في نشوء مرض الصدفية.
هناك صيغات سريرية متنوعة، إذ أن الصيغة الأكثر انتشارًا هي الصدفية الشائعة (Psoriasis Vulgaris)، التي تتميز باللويحات الحماموية (Erythmatous Plaque) المعرفة جيدًا مع هبريّة (Dandruff) فضية اللون في فروة الرأس، المفاصل، الركبتين، الباسطات والظهر.
هناك صيغات سريرة أخرى وهي: الصدفية البثرية (Postular Psoriasis)، صدفية الثنيات (Psoriasis Inverse) (التي تشمل ثنيات الجسم بالذات)، صدفية كفات اليدين والأرجل، الصدفية القطروية (Guttate Psoriasis) وغيرها.
تم العثور، في السنوات الأخيرة، على أدلة تربط ما بين الصدفية وبين أمراض عديدة أخرى مثل: السمنة الزائدة، المتلازمة الأيضية، الأمراض المتعلقة بتصلب الشرايين، أمراض المناعة الذاتية الأخرى، الاضطرابات النفسية وغيرها. قد تحدث لدى 30% من المرضى حالة من التهاب المفاصل كجزء من المرض (psoriatic arthritis).
طريقة علاج
تتوفر اليوم العديد من المستحضرات الموضعية والجهازية لعلاج الصدفية، إذ أن اختيار العلاج متعلق بشدة المرض، رغبات المريض وأمراضه السابقة، بالإضافة إلى مدى استجابته للعلاجات السابقة. قبل البدء بالعلاج، يجب الأخذ بالاعتبار مخاطر العلاج المقترح مقابل فوائده. عند المرض الخفيف أو محدود الانتشار، فإن الاختيار الأفضل هو المستحضرات الموضعية. عند المرض المتوسط حتى الشديد (أكثر من 5-10% من مساحة الجسم أو إذا أصيبت كفات اليدين أو الأرجل، ممًا قد يحدّ من الأداء)، لا يمكن الاكتفاء بالعلاج الموضعي، إنما تكون هناك حاجة للعلاج الضوئي أو للعلاج الجهازي. حتى حالة التهاب المفاصل تحتاج أحيانًا إلى علاج جهازي.
العلاج الموضعي الأكثر انتشارًا هو العلاج بالمنشطات الموضعية. آلية عمل المنشطات الموضعية ليست واضحة تمامًا، وهي ذات تأثير مضاد للالتهابات، مضاد للتكاثر وكابت للمناعة بواسطة ضبط التعابير الجينيّة. المنشطات الموضعية مصنفة إلى مجموعات (classes I-VII) وفقًا لقدرتها على التسبب بتضيق الأوعية. إن الاستعمال الدائم للمنشطات الموضعية القوية ليس محبذًا بسبب مخاطر ظهور ضمور جلدي (Atrophy)، علامات تمدد، فرط الشعر (Hirsutism)، حب الشباب وامتصاص جهازي في حال تم دهنها على مساحات واسعة من الجسم. من أجل تقليل الأعراض الجانبية وتكبير الاستجابة للمرض، يجب ملاءمة المنشط الموضعي للمكان المراد علاجه: لفروة الرأس، هناك حاجة بشكل عام لاستعمال المنشطات الموضعية القوية بمحلول أو رغوة (مثلًا clobetasol propionate 0.05%) - للوجه وللثنيات، من المفضل استعمال منشط خفيف (مثلًا hydrocortisone 1%) - للويحات السميكة في الأماكن الباسطة، من المفضل استعمال المنشطات القوية، إذ يُدهن مرتين في اليوم.
من المتوقع أن يطرأ تحسن ملحوظ عند القيام بالعلاج الموضعي بشكل عام من بعد مرور أسبوع تقريبًا، لكن يحتاج الأمر لبضعة أسابيع لتحقيق نتائج قصوى. مع تسطيح اللويحة، يجب التقليل من وتيرة الدهن إلى أن نكف عنها كليًا، لكن قد تستاء الحالة عند التوقف عن العلاج. في هذه الحالات، يمكن دهن المنشط الموضعي بشكل متقطع (فقط في نهاية الأسبوع مثلًا) أو إضافة مستحضر لاستيرويدي (Nonsteroidal).
إن خطورة ظهور أعراض جانبية موضعية وجهازية نتيجة للاستعمال الدائم للمنشطات الموضعية تكون كبيرة في المستحضرات ذات القوة الكبيرة. في المستحضرات من فئة class I، يفضل الامتناع عن الاستعمال اليومي من بعد مرور 2-4 أسابيع. المستحضرات الستيرويدية الجديدة مثل mometasone furoate, fluticasone propionate تتميز بامتصاص قليل وبأيض عالٍ في الكبد، لذلك فإن خطورة توفرها الجهازي قليلة. البدائل الاخرى للمنشطات الموضعية تشمل القطران (Tar)، مماثلي الفيتامين D، المنشطات الموضعية ريتينالية الشكل (Retinoid)، مبطئي كالسينويرين (Calcineurin) و أنطرالين (Anthralin). استعمال القطران لعلاج الصدفية متبع منذ سنوات عديدة.
الدمج مع العلاج الضوئي من نوع UVB يدعى بروتوكول غاكيرمان وهو يعتبر علاجًا ناجعًا وآمنًا للصدفية. إن مماثلي الفيتامين D هي أكثر نجاعة، عند دمجها مع المنشطات الموضعية، من العلاج الضوئي. اتضح أن دمج المنشطات الموضعية مع كالسيبتوراين (Calcipotriene) (مماثل للفيتامين D) بنفس المستحضر أو بشكل متقطع (مثل Weekend Therapy مع منشط موضعي في نهاية الأسبوع وكالسيبتوراين خلال أيام الأسبوع) يعتبر ناجعًا لعلاج الصدفية. اتضح أن أنطرالين (Deterenol) مستعمل لعلاج الصدفية منذ بداية القرن ال-20. آلية فعاليته ليست واضحة، لكنها قد تكون مضادة للالتهاب ومضادة للتكاثر. قد يؤدي أنطرالين إلى التهيج الموضعي ويصبغ الجلد والملابس، وهو ليس مريحًا للاستعمال البيتي. للصدفية في منطقة الوجه أو ثنيات الجسم، قد يكون تاكروليموس (Tacrolimus) أو بيميكروليموس (Pimecrolimus) بديلًا للمنشطات الموضعية، وذلك جراء الأعراض الجانبية التي يسببها الاستعمال الدائم للمنشطات الموضعية لهذه الأماكن.
يحتاج المرض المتوسط حتى الشديد بشكل عام إلى علاج ضوئي أو لعلاج جهازي. العلاج الضوئي المتبع هو بشكل عام بواسطة UVB جرعة (290-320 nm) أو narrowband UVB جرعة (311nm). الأخير هو أكثر نجاعة، ومخاطر تسببه للحروق قليلة. تتوفر اليوم العديد من العلاجات الجهازية لعلاج الصدفية: المنشطات ريتينالية الشكل، ميثوتريكسات (Methotrexate)، سيكلوسبورين (CYCLOSPORIN) والأدوية البيولوجية - مضادات TNF alpha (infliximab, adalimumab, etanercept) و-ustekinumab (anti IL12/23).
لقد قام استطلاع جهازي منذ 2013 بالمقارنة بين نجاعة العلاجات المختلفة في تحقيق تحسن بنسبة 75% في مؤشر PASI أي (psoriasis area and severity index) من بعد مرور 8-16 أسبوعًا من العلاج. اتضح أن نجاعة Infliximab في هذه الفترة الزمنية أكبر من نجاعة etanercept ،adalimumab ،ustekinumab، ميثوتريكسات وسيكلوسبورين. كما وأشارت أبحاث Head to head إلى أن نجاعة Infliximab و-adalimumab هي أكبر من ميثوتريكسات. مع ذلك، يجب الأخذ بالاعتبار أن هناك انخفاض في نجاعة العلاج بواسطة Infliximab و-adalimumab مع العلاج المستمر، وذلك جراء تطور مضادات مستعدلة (Neutralizing Antibodies) للدواء. إن اختيار العلاج الجهازي الملائم لمريض معين يتعلق أيضًا بالعلاجات السابقة التي تلقاها، برغباته وبأمراضه السابقة.