في ليلة واحدة ارتفع سعر دواء بـ 5000
لجنة من الكونجرس الأمريكي تحقق في "فضيحة أسعار الأدوية " التي قامت الشركات المصنعة برفع اسعارها مرة واحدة بمئات المرات. دواءان لامراض القلب زاد سعرهما في غضون عام بنسبة 525-212%

حدث هذا في الشهر الماضي في الولايات المتحدة - وأثار احتجاج واسع النطاق: في غضون ليلة واحدة زاد سعر دواء واحد من - 13.50 دولار للحبة إلى 750 دولار. وهذا الدواء موجود في السوق منذ 62 سنة – الـ Daraprim (أو باسمه الجنيس - pyrimethamine) والمعد لعلاج مرض تلوثي معروف الناتج عن طفيلي شائع، وحيد الخلية يشبه شكل الهلال، التوكسوبلازما (داء المقوسات toxoplasmosis). وتشير التقديرات إلى أن هذا الطفيلي هو الأكثر شيوعا في العالم، ويسبب العدوى لحوالي 33-25٪ من سكان العالم. هذا المرض يمكن أن يكون مهددا للحياة، وخاصة للأطفال الذين يولدون لأمهات اصبن بهذا الطفيلي أثناء الحمل أو لدى الأشخاص الذين لديهم ضعف في جهاز المناعة، مثل مرضى الإيدز وبعض أنواع السرطان. تحدث العدوى عن طريق اللحوم الملوثة.
عملية زيادة الأسعار، التي كشفتها جريدة "نيويورك تايمز"، قامت بها شركة الأدوية Turing. "وهذا سوف يجبر المستشفيات على البحث عن علاج بديل والذي قد لا يكون فعال وله آثار جانبية"، حذرت الدكتورة جوديث ابرج رئيسة قسم الأمراض المعدية في كلية الطب في المركز الطبي "جبل سيناء" في نيويورك. كشفت تحقيقات الصحيفة أن هذه الزيادة الكبيرة في سعر دواء واحد هي ليست الحالة الوحيدة في الآونة الأخيرة وخاصة في الولايات المتحدة. في حين يوجه الاهتمام الرئيسي للجمهور لأسعار الأدوية الجديدة التي تصل إلى السوق - خصوصا لأمراض مثل السرطان، التهاب الكبد C ولعلاج ارتفاع مستويات الكولسترول - اهتماما أقل لكن ليس أقل مخاوف وقلق, رافق ارتفاع الأسعار الهائل للأدوية القديمة، بما في ذلك حتى الأدوية الجنيسة.
في بعض الحالات، اعترفت الشركات المصنعة ان الارتفاع مرده إلى نقص المخزون، ولكن أيضا لأسباب التي تعرف كـ "استراتيجية عمل": الشركات اشترت الأحقية على أدوية قديمة، التي اهملت حيث قامت هذه الشركات وحولتها بفضل تغيير طفيف في تركيبتها مع الحصول على الموافقة على التغيرات الجديدة، مما سمح للشركات المصنعة لتدعي أن هذه "أدوية –خاصة بها"، وبالتالي ثمنها باهظ للغاية.
أظهر التحقيق أن دواء cycloserine الذي يعطى لعلاج السل الخطير المقاوم لمجموعة كبيرة من الأدوية الأخرى, قد ارتفع سعره من 500 $ للحبة إلى 10,800 $ للحبة منذ أن تم شراء الحقوق على المنتج من قبل شركة أخرى (Rodelis). كان العذر لرفع السعر الحاد: حاجة الشركة إلى زيادة الاستثمار في الملكية الجديدة لضمان توفير الدواء المنتظم. ردا على الانتقادات لهذه العملية فقد أعلنت الشركة أنه في بعض الحالات فإنها توفر الدواء مجانا للمرضى المحتاجين.
لجنة من الكونغرس الأميركي تحقق الآن في أسعار الأدوية الجنيسة في أعقاب شكوى ضد شركة Valeant التي تنتج الأدوية نيتروبرس واينسوبرل لعلاج أمراض القلب - التي ارتفع سعرها في الآونة الأخيرة بـ 212٪ و-525٪ على التوالي. سعر المضاد الحيوي Doxycycline ارتفع بين أكتوبر 2013 وأبريل 2014 من 20$ للزجاجة الواحدة إلى -1849$ لنفس الكمية.
وصفت الجمعية الطبية الأمريكية للأمراض المعدية والجمعية الطبية لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية ارتفاع سعر دواء ال"دارابريم Daraprim" بغير مبرر خاصة لفئة المرضى الذين يعتبرون طبيا كضعفاء للغاية. يتم تعريف الدواء باعتباره علاج الخط الاول والتقليدي لعلاج التوكسوبلازما ويتم اعطائه بالدمج مع المضاد الحيوي sulfadiazine. في حين أنه من المعروف ان هناك علاجات بديلة ولكن تنقص معلومات كافية عن مستوى فعاليتها.
ادعى المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة الأدوية "تورينج"، مارتن شكيرلي (Shkreli) أن استخدام هذا العقار ليس شائع جدا في جهاز الرعاية الصحية في الولايات المتحدة لذلك فإن الغاية من ارتفاع السعر هي استخدام العائدات لتطوير علاجات أفضل ضد مرض التوكسوبلازما. واعتذر قائلا أن ذلك ليس طمعا وانما يهدف لإبقاء الشركة في مجال الصناعات الدوائية. معظم المرضى يستخدمون الدواء لأقل من سنة، برر عملية زيادة السعر. "نيويورك تايمز" لقبت المدير العام ابن ال 32 عاما، "كشخص لامع ووقح". الليلة الماضية، وبسبب الاحتجاجات والانتقادات الحادة التي تلقتها الشركة في وسائل الإعلام الأمريكية، أسرع الرئيس التنفيذي ليعلن أن السعر الجديد سوف يخفض لكن لم يكشف بكم ومتى.
دواء الدارابريم يعطى أيضا لعلاج المرضى الذين يعانون من الملاريا. وافقت عليه ادارة الاغذية والعقاقير الـ FDA منذ عام 1953. لفترة طويلة تم تصنيعه من قبل شركة جلسكو-سميث- كلاين. وكان سعره 1 $ للحبة. في عام 2010 باعت GSK الحقوق لشركة تسمى "كور فارما" (Core) حيث اشترت في العام الماضي شركة أخرى، "مختبرات ايمباكس" شركة "كور" وشركات أخرى التي كانت مرتبطة بها بـ 700 مليون $ وخلال فترة زمنية قصيرة من ذلك قامت " ايمباكس" ببيع الحقوق على الدواء لشركة "تورينج". كل الشركات التي شاركت في هذه الصفقة أعلنت انها أجبرت على رفع السعر لأنه كان هناك انخفاض في الوصفات الطبية لهذا الدواء الذي يعطى من قبل الأطباء للمرضى (لا يشمل المستشفيات التي دخل اليها المرضى الذين يحتاجون لهذا الدواء).