دراسة المناوبات الطويلة للجراحين المتخصصين لا تؤثر على علاج المرضى
"المناوبات المرنة"، التي يمكن أن تمتد لأكثر من 28 ساعة على التوالي، أمام النموذج المنصوص عليه في القانون، الذي يحدد نسبة المناوبة بـ 16 ساعة

القيام بمناوبات طويلة دون استراحة في أوساط المتخصصين في الجراحة لا يؤثر سلبا على نتائج الجراحة أو صحة المرضى. هذا ما يتضح وفق نتائج بحث جديد أجري في الولايات المتحدة، ونشر الاثنين في دورية NEJM.
وقد هدفت هذه الدراسة إلى اختبار مدى تأثير المناوبات الطويلة، خارج القواعد المتبعة في العقد الماضي في مستشفيات الولايات المتحدة بشأن الحد الأقصى لساعات تشغيل الجراحين بشكل متواصل. حتى الآن، كان الاعتقاد السائد أن المناوبات الطويلة للغاية تضر بالتعليم الطبي والمعالج.
منذ أكثر من عشر سنوات وضعت في الولايات المتحدة، بشكل ملزم وشامل في جميع أنحاء البلاد، أنظمة لتحديد عدد الساعات التي يمكن أن تمتد فيها ساعات العمل في غرفة العمليات في المستشفى. وقد نشأت هذه المشكلة في ضوء المزاعم حول كون طول مدة المناوبة تؤدي للحرمان من النوم الذي يهدد الأطباء أنفسهم وحالة المرضى الصحية.
عندما لا يتم الحديث عن مناوبة مرنة، يطلب من الأطباء الشبان في بعض الأحيان في بداية التدريب إنهاء مناوبة عملهم في منتصف إجراء طبي وعلاج المريض.
لدراسة تأثير الأنظمة، جمع معدو الدراسة خلال العام الدراسي 2015-2014 بيانات متعلقة بأكثر من -4330 جراح - متخصص ممن وافقوا على العمل بـ " مناوبة مرنة "- التي تسمح لهم مواصلة العمل في غرفة العمليات لأكثر من الحد الزمني الذي حدد في القانون. في بعض الأحيان، قال الباحثون، كان العمل مستمرا في غرفة العمليات لأكثر من 28 ساعة، عمل كلا الفريقين لا يزيد عن 80 ساعة في الأسبوع، لمدة أربعة أسابيع.
وتناولت الدراسة، التي شملت التحقق من حالة 139 ألف مريض في151 مستشفى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، عدد المرضى الذين توفوا في أعقاب مناوبات طويلة (مجموعة واحدة)، وكم منهم عانوا من مضاعفات خطيرة (تفاقم المرض،السكتة الدماغية (Stroke)، احتشاء عضلة القلب (myocardial infarction)، فشل كلوي حاد (Chronic renal failure)، نزيف حاد، فتح الجروح، العدوى والالتهاب الرئوية وغيرها من المضاعفات الشائعة بعد الجراحة. وقد تم اختبار الوضع بعد شهر من الجراحة.
واتضح أن الوضع لم يزداد سوءا لا سيما في المستشفيات التي أتاحت للأطباء الشباب والجدد العمل بمناوبات مرنة استمرت إلى ما بعد حد معين، مقارنة مع المستشفيات التي اتبعت الحد من طول دورة المناوبة للمتدربين.
وكانت نتائج المرض والوفاة لدى المجموعتين من المرضى أعلاه بعد الجراحة مماثلة 9٪ . طلب من المتدربين أنفسهم أيضا تقييم مستوى رضاهم أو عدم رضاهم عن الحاجة إلى العمل في نوبات مرنة، وكيف يؤثر هذا، حسب رأيهم، على التدريب والتعليم الطبي أو على حالتهم الصحية. النتائج: 11٪ و 13٪ على التوالي.
وقد عرفت الدراسة كنقطة بداية لموضوع قيد النقاش، كما حدد من قبل المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور كارل بيليموريا (Karl Bilimoria)، مدير وحدة الرقابة، لتحسين الجودة ودراسة نتائج العمليات الجراحية في كلية الطب في جامعة نورث وسترن في شيكاغو.
عندما لا يدور الحديث عن المناوبات المرنة، يطلب من الأطباء الشبان في بعض الأحيان في بداية التدريب إنهاء نوبة عملهم في منتصف الإجراء الطبي وعلاج المريض، حيث يتم نقل المريض لإتمام العلاج من قبل طبيب - شاب آخر. "مثل هذا التغيير في التناوب، في اللحظات الحرجة أثناء الجراحة، يشوش العلاقة بين الطبيب والمريض"، قال الدكتور بيليموريا.
وقال "نأمل أن يتم استخدام استنتاجات الدراسة لتغيير السياسة في أقرب وقت ممكن، بحيث سيكون من الممكن إعادة اتباع المناوبات المرنة للمتدربين الشباب" اضاف.
تم تحديد مدة المناوبة وورية المتدربين الشباب لأول مرة في عام 2003 من قبل ACGME - مجلس خريجي التعليم الطبي (The Accreditation Council for Graduate Medical Education) . تم تعديل التحديد في عام 2011، وهو يشمل حاليا توجيه ملزم بموجبه الحد الأقصى من أسبوع العمل للمتدربين يجب الا يزيد عن 80 ساعة.
وقالت الدكتورة بابو مايا (Maya Babu)، المتخصصة في جراحة المخ والأعصاب في "مايو كلينيك"، والتي تشغل أيضا منصب رئيس الكلية الأمريكية للجراحين - المتدربين، إن النتائج التي توصلوا إليها ليست مفاجئة وقالت في مقابلة مع التلفزيون الكندي، أنه وفقا للتوجيهات الحالية، فإنه يجب في بعض الأحيان مغادرة غرفة العمليات حتى في منتصف جراحة إزالة ورم في المخ، وبذلك يتم تفويت فرصة تعلم هامة للتدريب.
مثل عدد غير قليل من أعضائها، أعربت هي أيضا عن تأييدها لفكرة الحفاظ على المناوبات المرنة، وهكذا يعرف معظم المتدربين متى يعلنون لكبار مدربيهم بأنهم تعبوا جدا ولا يستطيعون مواصلة العمل في غرفة العمليات.
القواعد الحالية موجهة لخريجي المدارس الأميركية الطبية، ضمن برامج التخصص في المستشفيات. ووفقا للقواعد الملزمة، على مدة كل وردية ألا تتجاوز 16 ساعة للمتدرب الشاب و 28 ساعة للمتدرب الرفيع. بين كل وردية هنالك ضرورة للاستراحة لمدة 10 8 ساعات أو 14 ساعة، عندما يتم توسيع الوردية إلى 24 ساعة.
جاء في العام الماضي، في صحيفة "واشنطن بوست "، أن بعض المستشفيات في الولايات المتحدة تؤدي تجربة بموجبها يتواصل تناوب الأطباء الشباب المتخصصين في الطب الباطني لمدة 30 ساعة. بعد النشر طالبت نقابة طلاب الطب الأمريكية من الإدارة الأمريكية بوقف التجربة. وكانت الحجة بأن التجربة غير أخلاقية، حيث لم يطلب من أي طبيب ولا من المرضى إعطاء الموافقة أو التعبير عن معارضتهم لها.