طبيب امريكي اختفاء البهجة والاكتفاء من مهنة الطب بسبب البيروقراطية
"الممارسة الطبية انتقلت من مكانة مستقلة لمهنة تخضع للرقابة"هذا ما جاء في مقال نشر في مجلة "فوربس" وأثار اهتماما كبيرا في اوساط المجتمع الطبي
برعاية

"أليس من المستغرب أن يعرب العديد من أطباء العائلة، أطباء الرعاية الصحية الأولية، والأطباء المساعدين وعدد من الخبراء، مؤخرا عن عدم رضا آخذ بالازدياد من عملهم
- ماذا حدث لممارسة الطب العملي؟
- ما الذي يمكن عمله لاعادة الفرح والاكتفاء المرتبطين بممارسة العلاج الطبي؟"
هذا ما تساءله في الأسبوع الماضي، الطبيب الأمريكي الدكتور بيتر أوفال (Peter Ubel)، الذي يعمل أيضا في الدراسات السلوكية، في المقال الذي نشر الأسبوع الماضي في الصحيفة الاقتصادية "فوربس"، والذي جذب إليه الكثير من الاهتمام.
وأشار الدكتور أوفال إلى "شعور البؤس" لعدد غير قليل من الأطباء، الذين فقدوا الرغبة في النجاح والازدهار في عملهم، حيث تراقبهم جهات عدة وتقوم بتقييم نوعية علاجهم. "
تم توجيه النقد في المقال لـ "العبء المتزايد" للقوانين من قبل الهيئات التنظيمية، مما يجعل، وفقا للدكتور اوفال، من الصعب تحقيق الرضا والبهجة. فقبل بضعة عقود، كتب الدكتور أوفال، عمل معظم الأطباء كأخصائيين مستقلين، وقد تم عملهم تحت رقابة معايير وضعها وأنشأها زملائهم للمهنة.
وكتب ايضا د. أوفال أن الأطباء دربوا بشكل مكثف ولمدة طويلة لتطوير المعارف والمهارات وكذا معرفة أفضل السبل لمساعدة المرضى على التعامل مع المشاكل. العالم من حولهم، كما أشار، منحهم الدعم وآمن بأن معظم الأطباء يوفرون رعاية ممتازة لمعظم المرضى.
"في السنوات الأخيرة، هناك جهات خارجية تحاول على نحو متزايد تقييم أداء الأطباء. كما تقيس شركات التأمين وإدارات خدمة "ميديكير" جودة الرعاية التي يقدمها الأطباء وحتى يلقون على عاتقهم مسؤولية مالية، عندما لا يستوفي العلاج المعايير التي وضعوها".
وقال: "تم إدخال هذه المؤشرات أيضا لأن العوامل المؤمنة، وأحيانا المرضى أنفسهم، وجدوا أن جودة العلاج الطبي لم تكن بالمستوى الممطلوب. والنتيجة كانت انتقال الممارسة الطبية من المكانة المستقلة للمكانة الخاضعة للرقابة. كما انتقل الأطباء من الاستقلال التام ومكانة واضعي القرارات المهنية لمكانة البيروقراطيين ومعبئي الاستمارات ".
"الأطباء محاصرون حاليا بين المهنية والمسؤولية الوظيفية لتقديم التقارير بشأن كل عمل، حتى أبسطها. ويصرف المزيد من الاهتمام والتركيز على استيفاء المعايير المحددة، وطاقة أقل في اتخاذ القرارات الحاسمة مهنيا بشأن كيفية الأفضل لاحتياجات مرضاهم"، يقول د.اوفال.
"انتقل الأطباء من الاستقلال التام ومكانة واضعي القرارات المهنية لمكانة البيروقراطيين ومعبئي الاستمارات ".
واضاف "انه عار كبير"، وأضاف، "بعد كل شيء، نحن نختار ألمع الأشخاص بغرض دخولهم مهنة الطب ومن ثم ندخلهم في 15-7 عاما من التدريب المكثف والتوجيه، وفي كثير من الأحيان يكون العائد لهذا الجهد منخفضا نسبة إلى حجم الاستثمار. كيف يمكن لنا أن نتوقع منهم قضاء وقت عملهم أمام كمبيوتر يعرض لهم قائمة من المطالب حول ماذا يفعلون؟ ".
عرض الدكتور اوفال هذه المشاكل، كما يقول في مقاله، أمام عالم النفس باري شوارتز، الذي نشر مؤخرا كتابا بعنوان "لماذا نعمل؟". وصف شوارتز في كتابه عاملة صيانة ونظافة في المستشفى التي روت أنه على الرغم من أن العمل يتطلب منها القيام بقائمة يومية طويلة من المهام وبما أن الطبيعة المهنية في هذا المجال بعيدة عن الإثارة، وقالت انها تجد اكتفاء كبيرا في وظيفتها لأنها تعمل شخصيا على تحسين شروط التسرير في المستشفى للمرضى.
على سبيل المثال، جاء في الكتاب، سعت العاملة الى تغيير الصور المعلقة في غرفة المريض الذي كان في المستشفى لفترة طويلة لصور شخصية، وقال إنها شعرت بذلك بأنها مكنته من أن يكون أقرب ما يمكن من المنزل.
وفقا للدكتوراوفال، يكمن في هذه الآلية حل جزئي للمشكلة. وأضاف أنه حتى بأجواء من الإشراف العقائدي والمستويات العالية من البيروقراطية - عندما تتاح للناس مساحة من استقلال الفكر والإبداع، حتى لو كانت صغيرة، يمكنهم أن يجعلوا من عملهم ذا قدر أكبر من الأهمية والإثارة الشخصية.
"البيروقراطية ضمن المهنة قد تصرف نظر الأطباء عن جوهر عملهم"، كتب الدكتور اوفال، أي "الحرص بأن يعيش المرضى على نحو أفضل."
آخر الأخبار