علاج مبكر مباشرة بعد الولادة نجح في شفاء طفل ثاني من فيروس نقص المناعة البشرية
أفيد في مؤتمر CROI 2014 الذي عقد مؤخرا في بوسطن ان حوالي 60 طفل رضيع في جميع أنحاء العالم يشاركون في تجربة سريرية على خليط من الأدوية (كوكتيل) بجرعات عالية
في العام الماضي، فاجأ علماء العالم الطبي بإعلان دراماتيكي، أن طفل الذي ولد مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) شفي تماما بفضل العلاج الطبي المكثف الذي أعطي له بعد 30 ساعة من لحظة ولادته. هذا الاعلان لاقى ردود متشككة. خلال مؤتمر CROI 2014 الذي عقد في بوسطن، حيث ذكر ان طفلة ثانية التي ولدت في الولايات المتحدة مع الفيروس في جسدها، وتلقت علاج – مشابه للعلاج الذي تلقاه الطفل الأول - ثبتت تماما فعاليته. ذكر في المؤتمر، انه قد يكون اليوم في العالم خمس حالات مشابهة أخرى في كندا وثلاثة في جنوب أفريقيا.
هذه الطفلة ولدت في مستشفى الأطفال في لونغ بيتش، كاليفورنيا، والآن تبلغ من العمر9 أشهر. امها مصابة بالإيدز في مرحلة متقدمة، وكذلك تعاني من مرض نفسي; عندما حضرت للولادة سجل لها دواء لحماية الطفل من الاصابة بالفيروس - لكنها لم تأخذه.
بعد أربع ساعات من الولادة، أخذت طبيبة الأطفال الدكتورة أودرا دوايكيس عينة دم من الطفل لفحص وجود الفيروس. عندما تلقت نتيجة ايجابية، بدأت على الفور بالعلاج الطبي المكثف المدمج الذي شمل،3TC AZT ونيڤيرابين (Nevirapine) بجرعة عالية.
التعليمات الحالية للوقاية العادية من الفيروس لحديثي الولادة تأكد على أخذ جرعة منخفضة واستخدام اثنين من الأدوية فقط. عادة، الأطباء لا يجرون معالجة مكثفة أكثر قبل أن يتأكدوا من أن المولود مصاب فعلا بعدوى الفيروس. على أي حال، فالفحص لتوضيح هذه المسألة لا يتم في الأسابيع الأولى بعد الولادة. الا ان طبيبة الأطفال قررت اعطاء جرعة مكثفة فورا، لأن المرض لدى الأم لم يكن تحت السيطرة و"اضطررت للتفكير في خطر انتقال المرض من الأم إلى المولود مقابل سمية الأدوية التي ستعطى للطفل"، قالت الدكتورة دوايكيس. الطفلة موجودة الآن لدى عائلة حاضنة. الأم لا تزال على قيد الحياة.
حاليا في تجربة سريرية التي تفحص هذا العلاج الدوائي المكثف يشارك 60 طفل مصاب بالفيروس. كل واحد منهم يتلقى (أو سيتلقى) العلاج في غضون 48 ساعة من الولادة. اذا اتضح أن التجربة نجحت، وان ذلك ليس محض صدفه، فهناك حاجة لعدة سنوات من المراقبة للأطفال لتحديد ما إذا كان العلاج فعال ويشفي بشكل تام. إذا اتضح أن الأمر كذلك، فستكون هناك حاجة أيضا إلى إعادة كتابة بروتوكول العلاج الدوائي الذي يجب أن يعطى للأطفال الذين يولدون مع الإيدز. وتشير التقديرات إلى أن ربع مليون طفل في جميع أنحاء العالم يولدون مع الفيروس في أجسامهم.
حول التغيير المتوقع في البروتوكول العلاجي ذكر الدكتور أنتوني بوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية (NIAID) بالولايات المتحدة الأمريكية.
الطفل الأول الذي تلقى العلاج المبتكر في العام الماضي، وتعافى تماما من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية، يطلق عليه الآن في الأدبيات الطبية المهنية " Mississippi Baby". التقارير حوله نشرت في مؤتمر الـ CROI . الطفل من الميسيسيبي حاليا عمره أكثر من ثلاث سنوات وعملية مراقبته ما زالت مستمرة. لا يزال "نظيف من الفيروس"، وعملية مراقبته تتم عن طريق عالمة الفيروسات الدكتورة ديبورا برسوئود، مديرة المختبر الطبي في مركز طب الأطفال في جامعة "جونز هوبكنز" في بالتيمور.
الدكتورة برسوئود أشارت في حديث مع صحيفة "نيويورك تايمز" أنه سيكون من الخطأ أن نصف الطفلة على أنها قد شفيت تماما، ولا حتى ان مرضها يتراجع لأنها لا تزال تتلقى العلاج الدوائي. في اختبارات الدم الصارمة والأكثر حساسية التي أجريت حتى الآن لم يتم العثور في جسم الطفلة على فيروس القادر عن استنساخ نفسه. وتعرف حالتها بـ Sero-reverted لـ HIV سلبي.
في اختبارات الدم الأولية التي أجريت وأيضا عند أخذ عينات من السائل النخاعي للطفلة تم العثور على الـ DNA والـ RNA للفيروس - وكان ذلك دليلا على أنها اصيبت بالعدوى من الأم. لكن بواسطة العلاج المكثف، بدأ الفيروس بالاختفاء بعد 6 أيام من الولادة ولم يتم العثور على أي أثر له بعد 11 يوما. الأطباء يفكرون في وقف اعطاء الأدوية لفترة قصيرة لمعرفة ماذا سيحدث وهل ستكون الطفلة "نظيفة" من الفيروس في جيل عامين.