هل فيروس الـ زيكا ينتقل أيضا من خلال الاتصال الجنسي؟
طبيب أمريكي على ما يبدو نقل العدوى الفيروسية لزوجته بعد عودته من السنغال، موجودة في السجلات الطبية وتثير الاهتمام من جديد

فيروس "زيكا" Zika virus، الذي يعتبر المسؤول عن العديد من حالات متلازمة الصَعَل أو صغر الرأس (Microcephaly) عند الرضع في البرازيل وكذلك لـ " متلازمة جيلن باري (Guillain - barré syndrome)" بين البالغين, ما زال يقلق طواقم البحث. ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" هذا الاسبوع, انه استنادا الى حالتين تم توثيقهما في الأدبيات الطبية، فإن الفيروس يمكن أن ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، وليس فقط من خلال لدغة البعوضة من سلالة "الزاعجة المصرية (Aedes aegypti)".
وقد سجل أحد الأدلة الرئيسية لهذه الآلية في الولايات المتحدة، حيث تم انتقال العدوى لامرأة نتيجة لممارسة الجنس مع زوجها الذي عاد من أمريكا الجنوبية حيث كان قد تعرض للدغ البعوض والاصابة بالعدوى. ووفقا للصحيفة، فإن إمكانية هذا الشكل من انتقال العدوى تقلق الخبراء, "وهي كافية ليس فقط لتحذير النساء الحوامل, بل أيضا الرجال الذين يسافرون لأمريكا الجنوبية والبلدان الموبوءة بفيروس الزيكا, التي يوجد فيها خطر محتمل للعدوى". كما ذكر في التقرير
أوضح مسؤولون رسميون في - CDC أنه لا يوجد حتى الآن أدلة كافية للإعلان عن تحذير حول انتقال الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي أوضح مسؤولون في - CDC أنه ليس هناك حتى الآن أدلة كافية لنشر تحذيرا من هذا النوع. الحالتان المعروفتان تعرفان كـ " مخاطر نظرية "لانتقال للفيروس عن طريق الاتصال الجنسي.
الدكتور مارسيو نيهاب (Marcio Nehab)، طبيب الأطفال المتخصص بالأمراض المعدية في معهد الأبحاث في ريو دي جانيرو, قال للصحيفة أن هناك حاجة إلى بحث عميق لكي يقدم دليلا قاطعا بأن "الزيكا" قد ينتقل أيضا من خلال العلاقة الجنسية. في هذه المرحلة, قال: هناك مبرر للقلق بالأساس بسبب البعوض الذي ينقل الفيروس.
وفقا للمقالة في صحيفة "نيويورك تايمز", في عام 2011 تم وصف حالة انتقال الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي في المجلة الطبية Journal of Emerging Infectious Diseases.
اليوم أيضا يعرف عن حالة واحدة التي تم فيها العثور على الفيروس، بمستويات عالية، في السائل المنوي لرجل. لدى رجل الذي يبلغ من العمر 44 سنة من هايتي، الذي تعرض للفيروس خلال فترة تفشي الزيكا في بولينيزيا الفرنسية في عام 2013.
ساعد فريق من الأطباء والباحثين الفرنسيين في بحث هذه الحالة. تم العثور على الفيروس في عينات من السائل المنوي لهذا الشخص، حتى بعد أن اختفى الفيروس من دمه. ومن غير المعروف كم من الوقت "بقي" الفيروس في جسم هذا الرجل، لكن يعرف أنه كانت لديه نوبتان من الحمى الشديدة التي على ما يبدو حدثت بسبب الفيروس - واحدة بعد وقت قصير من الخضوع للفحص الأول والأخرى بعد شهرين. عندها وجد أيضا الفيروس في بوله.
عام 2011
الحالة التي حدثت في عام 2011 ظهرت عندما زار الدكتور براين فوي (Foy)، وهو عالم أحياء وخبير في الأمراض التي تنقلها الحشرات من جامعة كولورادو، منطقة ريفية في السنغال مع طالب يدعى كيفن كوبيلينسكي. حيث جمعوا البعوض الذي ينقل الملاريا لغرض البحث. كلاهما تعرضا للدغ من قبل البعوض. وبعد أسبوع، عادا الى كولورادو. لدى كليهما ظهر طفح جلدي على الجسم، شعروا بتعب شديد واشتكوا من الحمى والصداع - الأعراض المميزة لبعض الأمراض التي تنتقل عن طريق الحشرات والبعوض.
وبعد بضعة أيام، لدى زوجة الدكتور فوي، ممرضة وأم لأربعة أطفال، ظهرت نفس الأعراض. وقد طورت تدريجيا الطفح الجلدي الذي كان أكثر حدة بالمقارنة مع ما ظهر لدى الرجلين، وعانت أيضا من صداع أقوى وكانت عيناها حمراء. ثلاثتهم تعافوا.
في مرحلة متقدمة أكثر من مرضة قال الدكتور فوي لطبيب العائلة انه يعاني من ألم في القضيب، وظهر الدم لديه في السائل المنوي. تم أخذ عينات الدم من ثلاثتهم ولكنها فحصت لتشخيص الملاريا, حمى الضنك والحمى الصفراء. وكانت النتائج سلبية. بقيت العدوى لديهم بمثابة لغز حتى عاد الطالب كوبلينسكي إلى السنغال حيث التقى عالم آخر، الذي أثار احتمال أن يكون ذلك بسبب فيروس زيكا. عينات الدم التي تم تجميدها من الدكتور فوي اعيد فحصها من جديد وكانت النتيجة ايجابية للفيروس.
السؤال الذي بقي مفتوحا هو كيف أصيبت السيدة فوي بالعدوى. فهي لم تغادر منطقة شمال كولورادو, التي لا يوجد فيها البعوض الذي ينقل الفيروس زيكا. لا يبدو أنها وزوجها لدغا من قبل نفس البعوضة لأن الفيروس "بحاجة" لأكثر من أربعة أيام لكي ينتقل من الجهاز الهضمي الى الغدد اللعابية للبعوضة. كلاهما أيضا لم ينقلوا المرض إلى أطفالهم.
التفسير الأكثر ترجيحا على ما يبدو، وفقا للتقرير، هو ان انتقال الفيروس تم عن طريق الاتصال الجنسي الذي مارسه الزوجين بعد فترة قصيرة من عودة الدكتور فوي من السنغال، وحتى قبل أن بدأت تظهر علامات المرض لديه. قرر الدكتور فوي نشر هذا الوصف وتجربته في مجلة (Journal of Emerging Infectious Diseases).
في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" في بداية هذا الأسبوع، قال الدكتور فوي أنه يحاول منذ وقت طويل الحصول على منحة مالية لدراسة هذه الظاهرة، ولكنه واجه عقبات لأنه حتى الأسابيع القليلة الماضية لم يكن أحد مهتما في هذا المرض وفي هذا الفيروس الغير معروف. كذلك، قال، انه من الصعب بحث هذا الفيروس لأنه لا يصيب الفئران, الجرذان ومعظم الحيوانات المختبرية. ومع ذلك فإنه يصيب القرود، ولكن دراستها صعبة, مكلفة جدا ومثيرة للجدل. في ولاية كولورادو لا يتم تربية القرود لغرض البحث.
الدكتور ويليام شافنر، رئيس قسم الطب الوقائي في كلية الطب وجامعة فاندربيلت، الولايات المتحدة، يعتقد أنه من الضروري إجراء دراسة حول إمكانية انتقال الزيكا عن طريق الاتصال الجنسي في البرازيل، حيث كان هناك الكثير من حالات العيوب الدماغية الخلقية التي حدثت على ما يبدو بسبب الفيروس.
الحالتان المشتبه فيهما، كما قرر مسؤولون في مركز السيطرة على الأمراض - CDC، غير كافية ولا تبرر حاليا نشر تحذيرات السفر. "ولكن من المؤكد ان هذا الموضوع مثير ومن المهم دراسته"، تقتبس صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن مسؤول رفيع المستوى في المنظمة.