مرض السكري من نتائج خيرات الحياة ونمطها المعاصر

مرض السكري هو بالاساس نتيجة للحياة الرغيدة: فائض السعرات الحرارية، الوزن الزائد، الكربوهيدرات الكثير وقلة النشاط البدني. الضغط النفسي الحاد لا دور له بذلك.

برعاية sponsered by
مرض السكري من نتائج خيرات الحياة ونمطها المعاصر

في ايامنا هذه حيث التوتر كبير يجدر بنا فحص الرأي القائل بأن الضغط النفسي الحاد يمكن أن يؤدي اللى تطور مرض السكري. القصة التالية هي نموذجية جدا:

رجل يبلغ من العمر 45 عاما، سائق حافلة، سليم صحيا لكن لديه نحو 10 كغم زائدة في وزنه، أعاد الحافلة الفارغة لموقف الحافلات ليلاً وفي الطريق اصطدم بشجرة بجانب الطريق. استيقظ في المستشفى مع كدمات بسيطة في الصدر والبطن، نزيف تحت الجلد ولكن بدون كسور. في غرفة الطوارئ أجريت له فحوصات حيث أظهرت اختبارات الدم نتائج طبيعية باستثناء قيمة عالية من السكر 210 ملغ%. (يذكر ان القيمة الطبيعية هي حتى 100 ملغ%).

في فحوصات الاعادة، في الأيام التي أعقبت وقوع الحادث، كانت قيم السكر في الدم بعد الصيام أكثر من 160 ملغ%. الطبيب شخص مرض السكري ووصف له علاج لموازنة نسبة السكر في الدم. بعد الشفاء، قام هذا الرجل بتقديم دعوى قضائية ضد شركة التأمين، مدعيا ان الحادث سبب لديه مرض السكري لأنه قبل ذلك كان سليم وبعد الحادث على الفور أصيب بالسكري. اتضح من مراجعة ملفه الطبي انه في السنة السابقة للحادث لم يزر الطبيب ولم يجري اختبارات الدم. اختبار نسبة السكر في الدم قبل عامين من حادث أظهر قيمة طبيعية.

كم كان احباط الرجل عظيم عندما تم رفض دعوته للاعتراف بان مرض السكري لديه كان بسبب وقوع الحادث، في البداية من قبل اللجنة الطبية لشركة التأمين، وفيما بعد من قبل المحكمة. قبل القاضي رأي الخبير الطبي، الذي ادعى أن المدعي كان مصاب بمرض السكري الذي تم تشخيصه بعد وقوع الحادث وبعد اجراء الفحص الذي لم يجريه منذ مدة طويلة، ولكن المرض لم يحدث بسبب الحادث.

توضح هذه الحالة حدث نموذجي جدا للمرض الذي يتم فيها تشخيص مرض السكري عندما تجرى اختبارات الدم لسبب آخر: مرض حاد، حادث، التحضير لعملية جراحية أو حتى الاختبارات الروتينية. يجب أن ننوه هنا ونقول أن النقاش يركز على داء السكري من النوع 2 الأكثر شيوعا (أكثر من 90% من مرضى السكري).

عملية تطور مرض السكري بطيئة جدا وتمتد على مدى سنوات عديدة. الزيادة في قيم السكر في الدم تحدث تدريجيا. أولا، بعد وجبات الطعام وبعد عدة سنوات حتى في الصيام. نسبة السكر في الدم ترتفع عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج الأنسولين الكافي لإدخال كل السكر الذي نتناوله إلى خلايا العضلات والكبد. كلما زاد وزن الشخص، يقل نشاط الانسولين (تحدث مقاومة للأنسولين) وبالتالي تكون هناك حاجة لكميات أكبر للحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن المجال الطبيعي.

عملية التهابية بطيئة جدا تضعف قدرة البنكرياس على إفراز الأنسولين وفي نهاية المطاف تؤدي الى ارتفاع تركيز السكر في الدم. تطور المرض بطيء جدا. تمر بالمتوسط ثلاث إلى أربع سنوات من حدوثه حتى التشخيص. الضغط النفسي أو البدني الحاد يزيد، بشكل مؤقت، من مقاومة الأنسولين، لكنها تعود الى طبيعتها في غضون ساعات أو بضعه أيام. ولذلك، لدى مرضى السكري فان تركيز السكر في الدم يرتفع بشكل مؤقت أثناء الضغط. الأشخاص الأصحاء لديهم القدرة على زيادة إفراز الأنسولين بحيث أنه حتى أثناء الضغط فان تركيز السكر يبقى طبيعي أو أن الزيادة تكون معتدلة ولفترة قصيرة جدا.

العلاقة بين الضغط النفسي، التغذية ومرض السكري واضحة جدا في قصة أيام الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية (The Blitz) على لندن. لأسابيع طويلة، تم قصف المدينة بواسطة صواريخ V-2 الألمانية، حيث قضى السكان ساعات طويلة في الملاجئ، معظم مرضى السكري لم يحتاجوا للدواء ولدى بعضهم اختفى المرض نهائيا.

خلال السنوات الأولى بعد الحرب، اتضح أنه لدى الأشخاص الذين كانوا في لندن خلال أيام الغارات كانت نسبة الاصابة بالسكري أعلى بالمتوسط من عموم السكان. للوهلة الاولى، كان هناك تأثير عكسي للضغط النفسي على مرض السكري. عمليا، تأثير واضح ومتوقع للحالة الغذائية على ظهور المرض وعلى سلوكه. خلال الحرب كان هناك نقص في المواد الغذائية، فانخفض وزن الكثير من الناس ولدى الكثير من مرضى السكري اختفى المرض. بعد الحرب، أولئك الذين كانوا في مناطق القتال العنيف وعانوا من سوء التغذية أكثروا من الأكل وزاد وزنهم، وبالتالي فإن نسبة مرضى السكري بينهم زادت عن المتوسط.

داء السكري من النوع 2 هو مرض معقد. لكي يحدث هناك حاجة لوجود نظام وراثي معين ونحن نعرف فقط جزءا قليلا منه. هناك، وبشكل واضح، ميل وراثي، ولكن الوراثة وحدها ليست كافية. بين أولئك الذين كان اثنين من والديهم مصابين بمرض السكري فان النسبة لديهم تكون مضاعفة. ومع ذلك، إذا بقوا نحيفين فانهم لن يصابوا بالمرض على الرغم من الوراثة. في المقابل، ذوي الوزن الزائد، حتى لو كان والديهم سليمين، فلديهم احتمال أكثر من 35% للإصابة بمرض السكري. لذلك، فهذا المرض هو بالأساس ينتج عن الحياة الرغيدة. السعرات الحرارية الزائدة، زيادة الوزن، تناول الكثير من الكربوهيدرات سريعة الامتصاص والنشاط البدني القليل جدا. لا يوجد للضغط النفسي أي دور في التسبب في المرض.

نشرت من قبل ويب طب - الخميس 5 شباط 2015

آخر الأخبار